الكلام فيه هناك، وصالح بن حيان هذا هو صالح بن صالح أبو حي المذكور، غير أن البخاري ذكره هناك بنسبته إلى جده، فإنه صالح بن صالح بن مسلم بن حيان، وليس بصالح بن حيان القرشي الكوفي الذي يروي عن أبي وائل، وقد مضى الكلام فيه هناك مستقصى.
8452 حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري قال سمعت سعيد بن المسيب يقول قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعبد المملوك الصالح أجران والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، ووقع في كتاب ابن بطال عزو حديث أبي هريرة هذا لأبي موسى الأشعري، وهو غلط، فإنه أسقط حديث أبي موسى وركبه على حديث أبي هريرة، وبشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: ابن محمد السجستاني المروزي، وهو من أفراده، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، ويونس هو ابن يزيد والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب.
والحديث أخرجه مسلم في الأيمان والنذور عن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى وفي الأيمان عن زهير بن حرب.
قوله: (للعبد المملوك) إنما وصف العبد بالمملوك، لأن العبد أعم من أن يكون مملوكا وغير مملوك، فإن الناس كلهم عبيد الله. قوله: (الصالح)، أي: في عبادة الرب ونصح السيد. قوله: (أجران)، قال ابن بطال: لما كان للعبد في عبادة ربه أجر، كذلك له في نصح السيد أجر، ولا يقال: الأجران متساويان، لأن طاعة الله تعالى أوجب من طاعته. قوله: (والذي نفسي بيده)، قال ابن بطال: لفظ: (والذي نفسي بيده..) إلى آخره هو من قول أبي هريرة، وكذا قاله الداودي وغيره، وقالوا: يدل على أنه مدرج يعني: الحديث لأنه قال فيه: (وبر أمي)، ولم يكن للنبي، صلى الله عليه وسلم، حينئذ أم يبرها، وجنح الكرماني إلى أنه من كلام الرسول، صلى الله عليه وسلم. ثم قال: فإن قلت: مات أم الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهو طفل، فما معمى بره أمه؟ قلت: لتعليم الأمة، أو على سبيل فرض الحياة، أو المراد به أمه التي أرضعته، وهي حليمة السعدية. انتهى. قلت: لو اطلع الكرماني على ما اطلع عليه من يدعي الإدراج لما تكلف هذا التأويل المتعسف، وقد صرح بالإدراج الإسماعيلي من طريق آخر عن عبد الله بن المبارك بلفظ: والذي نفس أبي هريرة بيده... إلى آخره، وكذلك أخرجه الحسين بن الحسن المروزي في كتاب (البر والصلة) عن ابن المبارك، وصرح مسلم أيضا بذلك، فقال: حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى، قالا: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس عن ابن شهاب، سمعت سعيد بن المسيب يقول: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للعبد المملوك الصالح أجران، والذي نفس أبي هريرة بيده، لولا الجهاد في سبيل الله، والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك). قال: وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها، قال أبو الطاهر: في حديثه (للعبد المصلح) ولم يذكر المملوك. انتهى. واسم أم أبي هريرة: أميمة، بالتصغير، وقيل: ميمونة، وهي صحابية ثبت ذكر إسلامها في (صحيح مسلم) وبين أبو موسى اسمها في ذيل (المعرفة)، وإنمااستثنى أبو هريرة هذه الأشياء المذكورة لأن الجهاد والحج يشترط فيهما إذن السيد، وكذلك بر الأم، قد يحتاج إلى إذن السيد في بعض وجوهه، بخلاف بقية العبادات البدنية، ولم يتعرض للعبادات المالية إما لكونه كان إذ ذاك لم يكن له مال يزيد على قدر حاجته فيمكنه صرفه في القربات بدون إذن السيد، وإما لأنه كان يرى أن للعبد أن يتصرف في ماله بغير إذنه. فإن قيل: في قوله: أجران، يلزم كون أجر المماليك ضعف أجر السادات؟ قلت: أجاب الكرماني: بأن لا محذور في ذلك، أو يكون أجر المماليك مضاعفا من هذه الجهة، وقد يكون للسادات جهات أخرى يستحق بها أجر العبد، أو يكون المراد ترجيح العبد المؤدي للحقين على العبد المؤدي لأحدهما. والله أعلم. قوله: (لأحببت أن أموت وأنا مملوك)، الواو، فيه للحال. قال الخطابي: ولهذا المعنى امتحن الله، عز وجل، أنبياءه، عليهم السلام، ابتلى يوسف، عليه السلام، بالرق