الأثير: نهى عن بيع الثمر حتى تشقح، هو أن يحمر أو يصفر، يقال: أشقحت البسرة وشقحت إشقاحا وتشقيحا، والاسم الشقحة. قوله: (قيل: ما تشقح؟..) إلى آخره هذا التفسير من قول سعيد بن ميناء راوي الحديث، بين ذلك أحمد في روايته لهذا الحديث عن بهز بن أسد عن سليم بن حيان أنه هو الذي سأل سعيد بن ميناء عن ذلك فأجابه بذلك، وكذلك أخرجه مسلم من طريق بهز، قال: حدثنا سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن المزابنة والمحاقلة والمخابرة وعن بيع الثمرة حتى تشقح. قال: قلت لسعيد: ما تشقح؟ قال: تحمار وتصفار ويؤكل منها. وأخرجه الإسماعيلي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سليم بن حيان، فقال في روايته: قلت لجابر: ما تشقح...؟ الحديث. قلت: هذا يدل على أن السائل عن ذلك هو سعيد بن ميناء والذي فسره هو جابر. قوله: (تحمار وتصفار)، كلاهما من باب الافعيلال من الثلاثي الذي زيدت فيه الألف والتضعيف لأن أصلهما: حمر وصفر. وقال الخطابي: أراد بالإحمرار والإصفرار ظهور أوائل الحمرة والصفرة قبل أن يشبع، وإنما يقال: تفعال من اللون الغير المتمكن. قلت: فيه نظر، لأنهم إذا أرادوا في لفظ حمر مبالغة يقولون: احمر فيزيدون على أصل الكلمة الألف والتضعيف، ثم إذا أرادوا المبالغة فيه يقولون: إحمار، فيزيدون فيه ألفين والتضعيف، واللون الغير المتمكن هو الثلاثي المجرد، أعني: حمر، فإذا تمكن يقال: احمر، وإذا ازداد في التمكن يقال: احمار، لأن الزيادة تدل على التكثير والمبالغة. وقال بعضهم: وإنما يقال: يفعال، في اللون الغير المتمكن إذا كان يتلون، وأنكر هذا بعض أهل اللغة، وقال: لا فرق بين يحمر ويحمار. انتهى. قلت: قائل هذا ما مس شيئا من علم الصرف، والتحقيق فيه ما ذكرناه.
68 ((باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها)) أي: هذا باب في بيان حكم بيع ثمر النخل، وقال بعضهم: هذه الترجمة معقودة لحكم بيع الأصول والتي قبلها لحكم بيع الثمار انتهى. قلت: هذا كلام فاسد غير صحيح، بل كل من الترجمتين معقودة لبيع الثمار: أما الترجمة الأولى فهي قوله: باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ولم يذكر فيه النخل ليشمل ثمار جميع الأشجار المثمرة، وههنا ذكر النخل، والمراد ثمرته وليس المراد عين النخل، لأن بيع عين النخل لا يحتاج أن يقيد ببدو الصلاح أو بعدمه، ألا ترى في الحديث يقول: وعن النخل حتى تزهو، والزهو صفة الثمرة لا صفة عين النخل، والتقدير عن: ثمر النخل، فافهم.
7912 حدثني علي بن الهيثم قال حدثنا معلى حدثنا هشيم قال أخبرنا حميد قال حدثنا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها وعن النخل حتى يزهو قيل وما يزهو قال يحمار ويصفار..
مطابقته للترجمة في قوله: (وعن النخل)، أي: وعن ثمر النخل كما ذكرنا. وعلي بن الهيثم، بفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وبالثاء المثلثة: البغدادي، وهو من أفراده، ومعلى، بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد اللام المفتوحة: ابن منصور الرازي الحافظ، طلبوه على القضاء فامتنع، مات سنة إحدى عشرة ومائتين، وهو من كبار شيوخ البخاري، وإنما روى عنه في (الجامع) بواسطة. وهشيم، بضم الهاء وفتح الشين المعجمة: ابن بشير الوسطي مر في التيمم. والحديث من أفراده.
قوله: (حدثني)، وفي بعض النسخ: حدثنا علي. قوله: (وعن النخل)، أي: عن بيع ثمر النخل، وهذا ليس بتكرار، لأن المراد بقوله: نهى عن بيع الثمرة غير ثمر النخل، بقرينة عطفه عليه، ولأن الزهو مخصوص بالرطب، والباقي قد شرح عن قريب، ولم يسم السائل عن ذلك في هذه الرواية ولا المسؤول، وسيأتي بعد خمسة أبواب: عن حميد برواية إسماعيل بن جعفر عنه، وفيه: قلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر.