عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١١
المزروعة. والثالث: الإجارة، فأين مطابقة الحديث لهذه الأجزاء؟ قلت: قوله: (نخل بيعت قد أبرت) مطابق للجزى الأول. وقوله: والحرث، هو الزرع مطابق للجزء الثاني، فالزرع للبائع إذا باع الأرض المزروعة ويفهم منه أنه: إذا آجر أرضه وفيها زرع فالزرع له، وإن كانت الإجارة فاسدة عندنا في ظاهر الرواية، وقال خواهر زاده: إن كان الزرع قد أدرك جازت الإجارة، ويؤمر الآجر بالحصاد والتسليم، فعلى كل حال فالزرع للمؤجر، وهذا مطابق للجزء الثالث، ولم أر أحدا من الشراح قد تنبه لهذا مع دعوى بعضهم الدعاوى العريضة في هذا الفن.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: إبراهيم بن يوسف ين يزيد بن زادان الفراء، هكذا نسبه في (التلويح). وقال بعضهم: إبراهيم بن موسى الرازي، وقال المزي: إبراهيم بن المنذر.
إذا قالت حذام فصدقوها!
الثاني: هشام بن يوسف أبو عبد الرحمن، وقال المزي: هشام هذا هو ابن سليمان بن عكرمة بن خالد بن العاص القرشي المخزومي. الثالث: عبد الملك ابن عبد العزيز بن جريج. الرابع: عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، بضم الميم: واسمه زهير بن عبد الله. الخامس: نافع مولى ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما.
ذكر لطائف إسناده فيه: الأخبار بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: السماع. وفيه: أن إبراهيم رازي وأن هشاما صنعاني قاضيها، وكان من الأبناء، وأن ابن جريج وابن أبي مليكة مكيان، وأن نافعا مدني، وهذا الأثر من أفراده.
ذكر حكمه: أما حكمه أولا: فإنه ذكر هذا عن إبراهيم المذكور على سبيل المحاورة والمذاكرة حيث قال: قال لي إبراهيم، ولم يقل: حدثني، وقد تقدم غير مرة أن قول البخاري عن شيوخه بهذه الصيغة يدل على أنه أخذه منهم في حالة المذاكرة. وأما ثانيا: فإنه موقوف على نافع، لأن ابن جريج رواه عن نافع، هكذا موقوفا. وقال أبو العباس الطرقي: الصحيح من رواية نافع ما اقتصر عليه في هذا الحديث من التأبير خاصة، قال: وحديث العبد يعني: من ابتاع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع، يذكره عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنه، قال: وقد رواه عن نافع عبد ربه بن سعيد وبكير بن الأشج، فجمعا بين الحديثين مثل رواية سالم وعكرمة بن خالد فإنهما رويا الحديثين جميعا عن ابن عمر عن النبي، صلى الله عليه وسلم. وقال أبو عمر: اتفق نافع وسالم عن ابن عمر مرفوعا في قصة النخل، واختلفا في قصة العبد: رفعها سالم ووقفها نافع على عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه. وقال البيهقي: ونافع يروي حديث النخل عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وحديث العبد عن ابن عمر موقوفا. قيل: وحديث الحرث لم يروه غير ابن جريج، ووصل مالك والليث وغيرهما عن نافع عن ابن عمر قصة النخل دون غيرها، واختلف على نافع وسالم في رفع ما عدا النخل، فرواه الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا في قصة النخل والعبد معا، وروى مالك والليث وأيوب وعبيد الله بن عمر وغيرهم عن نافع عن ابن عمر قصة النخل، وعن ابن عمر عن عمر قصة العبد موقوفة، كذلك أخرجه أبو داود من طريق مالك بالإسنادين معا.
ذكر معناه: قوله: (أيما نخل)، كلمة: أي، تجيء لمعان خمسة، أحدها: للشرط نحو * (أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى) * (الإسراء: 11). وهنا كذلك تقديره: أي نخل من النخيل بيعت، فلذلك دخلت الفاء في جوابها، وهو قوله: (فالثمر للذي أبرها)، وذكر النخل ليس بقيد، وإنما ذكر لأجل أن سبب ورود الحديث كان في النخل وهو الظاهر، وإما لأن الغالب في أشجارهم كان النخل، وفي معناه كل ثمر بارز يرى في الشجر: كالعنب والتفاح إذ أبيع أصول الشجر لم تدخل هذه الثمار في بيعها إلا أن يشترط. قوله: (بيعت)، بكسر الباء على صيغة المجهول. قوله: (قد أبرت)، على صيغة المجهول أيضا، وقعت حالا، والجملة التي قبلها صفة، وكذلك قوله: (لم يذكر الثمر)، جملة حالية قيد بها لأنه إذا ذكر الثمر لأحد من المتعاقدين فهو له بمقتضى الشرط. قوله: (وكذلك العبد)، يحتمل وجهين: أحدهما: إذا بيعت الأم الحامل ولها ولد رقيق منفصل فهو للبائع، وإن كان جنينا لم يظهر فهو للمشتري. والثاني: إذا بيع العبد وله مال على مذهب من يقول: إنه يملك فإنه للبائع، وروى مسلم قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من ابتاع نخلا
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»