عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٥
4912 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع..
مطابقته للترجمة ظاهرة. والحديث أخرجه مسلم وأبو داود جميعا بإسناد مثل إسناد البخاري.
قوله: (نهى عن بيع الثمار)، وذلك لأنه لا يؤمن أن تصيبها آفة فتتلف فيضيع مال صاحبه. قوله: (نهى البائع)، لأنه يريد أكل المال بالباطل، ونهى المبتاع أي: المشتري لأنه يوافقه على حرام، ولأنه بصدد تضييع لماله. وفيه أيضا: قطع النزاع والتخاصم. ومقتضى الحديث جواز بيعها بعد بدو الصلاح مطلقا، سواء شرط الإبقاء أو لم يشترط، لأن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها، وقد جعل النهي ممتدا إلى غاية بدو الصلاح، والمعنى فيه: أن يؤمن فيها العاهة وتغلب السلامة فيثق المشتري بحصولها بخلاف ما قبل بدو الصلاح، فإنه بصدد الغرر.
واختلف السلف في قوله: (حتى يبدو صلاحها) هل المراد منه جنس الثمار؟ حتى لو بدا الصلاح في بستان من البلد مثلا جاز بيع ثمرة جميع البساتين، وإن لم يبد الصلاح فيها أو لا بد من بدو الصلاح في كل بستان على حدة؟ أو لا بد من بدو الصلاح في كل جنس على حدة؟ أو في كل شجرة على حدة؟ على أقوال. والأول: قول الليث، وهو عند المالكية بشرط أن يكون الصلاح متلاحقا. والثاني: قول أحمد، وعنه في رواية كالرابع، والثالث: قول الشافعية. قلت: هذا كله غير محتاج إليه عند الحنفية.
5912 حدثنا ابن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا حميد الطويل عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع ثمرة النخل حتى تزهو. قال أبو عبد الله يعني حتى تحمر..
مطابقته للترجمة ظاهرة، وابن مقاتل هو محمد بن مقاتل، بكسر التاء المثناة من فوق: أبو الحسن المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، وهذا الحديث من أفراده.
قوله: (ثمرة النخل)، ذكر النخل ليس بقيد، وإنما ذكره لكونه الغالب عندهم. قوله: (حتى تزهو)، قال ابن الأعرابي: زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته، وأزهي إذا احمر واصفر. وقال غيره: يزهو خطأ، وإنما يقال: يزهي، وقد حكاهما أبو زيد الأنصاري، وقال الخليل: أزهي الثمر. وفي (المحكم): الزهو والزهو، البسر إذا ظهرت فيه الحمرة، وقيل: إذا لون، واحدته زهوة، وأزهي النخل وزهي: تلون بحمرة وصفرة. وقال الخطابي: الصواب في العربية يزهى، وقال القرطبي: هل حديث الباب وغيره يدل على التحريم أو الكراهة؟ فبالأول قال الجمهور، وإلى الثاني صار أبو حنيفة.
قوله: (قال أبو عبد الله)، هو البخاري نفسه، فسر لفظ: تزهو، بقوله: تحمر. قيل: رواية الإسماعيلي تشعر بأن قائل ذلك هو عبد الله بن المبارك، فإذا صح هذا يكون لفظ: أبو، زائدا ليبقى: قال عبد الله، ويكون المراد به: عبد الله بن المبارك أحد رواة الحديث المذكور.
6912 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سليم بن حيان قال حدثنا سعيد بن ميناء قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تشقح فقيل وما تشقح قال تحمار وتصفار ويؤكل منها.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ويحيى بن سعيد القطان، وسليم، بفتح السين المهملة وكسر اللام: ابن حيان من الحياة وسعيد بن ميناء بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وبالنون ممدودا ومقصورا، تقدم في: باب التكبير على الجنازة.
والحديث أخرجه مسلم في البيوع أيضا عن عبد الله بن هشام. وأخرجه أبو داود فيه عن أبي بكر بن محمد بن خلاد الباهلي عن يحيى.
قوله: (حتى تشقح)، بضم أوله وسكون ثانيه، قال بعضهم: من أشقح يشقح إشقاحا إذا احمر أو اصفر، والاسم الشقحة، بضم الشين المعجمة وسكون القاف بعدها حاء مهملة. وقال الكرماني: التشقح تغير اللون إلى الصفرة أو الحمرة، والشقحة لون خلص في الحمرة. انتهى. قلت: هذا كما ترى جعله بعضهم من باب الأفعال، وجعله الكرماني من باب التفعيل. وقال ابن
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»