فيمن ساق إلى امرأة رجلا، فقال إبراهيم: هو رهن بما جعل فيه حتى يفتك نفسه، وعن زرارة بن أوفى، قاضي البصرة التابعي: أنه باع حرا في دين عليه، قال ابن حزم: وروينا هذا القول عن الشافعي، وهي قولة غريبة لا يعرفها من أصحابه إلا من تبحر في الآثار. قال: وهذا قضاء عمر وعلي بحضرة الصحابة، رضي الله تعالى عنهم، ولم يعترضهما معترض. قال: وقد جاء أثر بأن الحر يباع في دينه في صدر الإسلام إلى أن أنزل الله: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * (البقرة: 082). وروي عن أبي سعيد الخدري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حرا أفلس)، ورواه الدارقطني من حديث حجاج عن ابن جريج، فقال: عن أبي سعيد أو سعد على الشك، ورواه البزار من حديث مسلم بن خالد الزنجي عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني عن سرق: أنه اشترى من أعرابي بعيرين فباعهما، فقال، صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي! إذهب فبعه حتى تستوفي حقك، فاعتقه الأعرابي. ورواه ابن سعد عن أبي الوليد الأزرقي عن مسلم، وهو سند صحيح، وضعفه عبد الحق بأن قال: مسلم وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيفان، وليس بجيد، لأن مسلما وثقه غير واحد، وصحح حديثه، وعبد الرحمن لا مدخل له في هذا لا جرم. وأخرجه الحاكم من حديث بندار: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ابن دينار حدثنا زيد بن أسلم، ثم قال: على شرط البخاري، وفي (التوضيح): ويعارضه في (مراسيل) أبي داود عن الزهري، كأن يكون على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، ديون على رجال ما علمنا حرا بيع في دين.
701 ((باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم اليهود ببيع أرضيهم ودمنهم حين أجلاهم فيه المقبري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه)) أي: هذا باب في بيان أمر النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في بيع أرضيهم، كذا وقع في رواية أبي ذر بفتح الراء وكسر الضاد المعجمة، وفيه شذوذان: أحدهما: أنه جمع سلامة وليس من العقلاء. والآخر: أنه لم يبق مفرده سالما لتحريك الراء. قوله: (حين أجلاهم)، أي: من المدينة. قوله: (فيه المقبري)، أي: في أمره صلى الله عليه وسلم اليهود حديث سعيد المقبري، بفتح الباء وضمها، وجاء الكسر أيضا وأشار البخاري بهذا إلى ما أخرجه في الجهاد في: باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، قال: بينا نحن في المسجد إذ خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (انطلقوا إلى ا ليهود...) وفيه، فقال: (إني أريد أن أجليكم، فمن وجد منكم بما له شيئا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله). قال ابن إسحاق: فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم لا الحلقة، فاحتملوا ذلك وخرجوا إلى خيبر، وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت له خاصة يضعها حيث يشاء، فقسمها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين، وهؤلاء اليهود الذين أجلاهم هم بنو النضير، وذلك أنهم أرادوا الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يلقوا عليه حجرا، فأوحى الله تعالى إليه بذلك، فأمره بإجلائهم وأمرهم أن يسيروا حيث شاؤوا، فلما سمع المنافقون بذلك بعثوا إلى بني النضير: أثبتوا وتمتعوا فإنا لم نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فلم يفعلوا: * (وقذف الله في قلوبهم الرعب) * (الأحزاب: 62، الحشر: 2). فسألوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يجليهم ويكف عن دمائهم فأجابهم بما ذكرناه.
فإن قلت: هذا يعارض حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة، لأن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم ببيع أرضيهم، قلت: أمره بذلك كان قبل أن يكونوا حربا، ثم أطلعه الله على الغدر منهم، وكان قبل ذلك أمرهم ببيع أرضيهم وإجلائهم فلم يفعلوا لأجل قول المنافقين لهم إثبتوا، فعزموا على مقاتلته صلى الله عليه وسلم، فصاروا حربا فحلت بذلك دماؤهم وأموالهم، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في السلاح وحاصرهم، فلما يئسوا من عون المنافقين ألقى الله في قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان عرض عليهم قبل ذلك، فلم يبح لهم بيع الأرض وقاضاهم أن يجليهم ويحملوا ما استقلت به الإبل، على أن يكف عن دمائهم وأموالهم، فجلوا عن ديارهم * (وكفى الله المؤمنين القتال) * (الأحزاب: 52). وكانت أرضهم وأموالهم مما لم يوجف عليها بقتال، فصارت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء، وقال ابن إسحاق: ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان أسلما على أموالهما، فأحرزاها، قال: ونزلت في بني النضير سورة الحشر إلى قوله تعالى: * (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء..) * (الحشر: 3). الآية. وقال الكرماني: فإن قلت: لم عبر عما رواه بهذه العبارة ولم يذكر