أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره. (الحديث 7222 طرفه في: 0722).
مطابقته للترجمة في قوله: (ورجل باع حرا فأكل ثمنه).
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: ابن مرحوم ضد المعذب وهو بشر بن عبيس بن مرحوم بن عبد العزيز بن مهران مولى آل معاوية بن أبي سفيان القرشي العطار، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وعبيس، بضم العين المهملة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة. الثاني: يحيى بن سليم، بضم السين المهملة: القرشي الخراز الحذاء، يكنى أبا زكريا، ويقال: أبو محمد مات سنة خمس وتسعين ومائة. الثالث: إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي، مات سنة تسع وثلاثين ومائة. الرابع: سعيد المقبري، وقد تكرر ذكره. الخامس: أبو هريرة.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الإفراد في موضع وبصيغة الجمع في موضع. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن شيخه طائفي نزل مكة مختلف في توثيقه وليس له في البخاري موصولا سوى هذا الحديث، وذكره في الإجارة من وجه آخر عنه. وفيه: أن يحيى وإسماعيل مكيان وسعيد مدني روى الحديث المذكور عن أبي هريرة، وقال البيهقي، رواه أبو جعفر النفيلي عن يحيى بن سليم، فقال: عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، والمحفوظ قول الجماعة، وهذا الحديث من أفراد البخاري.
ذكر معناه: قوله: (ثلاثة)، أي: ثلاثة أنفس، وذكر الثلاثة ليس للتخصيص، لأن الله تعالى خصم لجميع الظالمين. ولكن لما أراد التشديد على هؤلاء الثلاثة صرح بها. قوله: (خصمهم)، الخصم يقع على الواحد والاثنين والجماعة والمذكر والمؤنث، بلفظ واحد، وزعم الهروي أن الخصم بالفتح: الجماعة من الخصوم، والخصم بكسر الخاء: الواحد، وقال الخطابي: الخصم هو المولع بالخصومة الماهر فيها. وعن يعقوب: يقال للخصم خصيم، وفي (الواعي): خصيم للمخاصم والمخاصم، وعن الفراء: كلام العرب الفصحاء أن الاسم إذا كان مصدرا في الأصل لا يثنونه ولا يجمعونه، ومنهم من يثنيه ويجمعه، فالفصحاء يقولون: هذا خصم في جميع الأحوال، والآخرون يقولون: هذان خصمان، وهم خصوم وخصماء، وكذا ما أشبهه. قوله: (أعطي بي) حذف فيه المفعول تقديره: أعطى العهد باسمي واليمين به، ثم نقض العهد ولم يف به، وقال ابن الجوزي: معناه حلف في قوله ثم غدر، يعني: نقض العهد الذي عهد عليه واجترأ على الله تعالى. قوله: (باع حرا) أي: عالما متعمدا، فإن كان جاهلا، فلا يدخل في هذا القول قوله: (فأكل ثمنه)، خص الأكل بالذكر لأنه أعظم مقصود. قوله: (فاستوفى منه) أي: استوفى العمل منه.
ذكر ما يستفاد منه فيه: أن العذاب الشديد على الثلاثة المذكورين: إما الأول: فلأنه هتك حرمة اسم الله تعالى. وأما الثاني: فلأن المسلمين أكفاء في الحرية والذمة، وللمسلم على المسلم أن ينصره ولا يظلمه، وأن ينصحه ولا يغشه، وليس في الظلم أعظم ممن يستعبده أو يعرضه على ذلك، ومن باع حرا فقد منعه التصرف فيما أباح الله له وألزمه حال الذلة والصغار، فهو ذنب عظيم ينازع الله به في عباده. وأما الثالث: فهو داخل في بيع حر، لأنه استخدمه بغير عوض، وهذا عين الظلم. وقال ابن المنذر: وكل من لقيت من أهل العلم على أن من باع حرا لا قطع عليه ويعاقب، ويروى عن ابن عباس: يرد البيع ويعاقبان، وروى حلاس عن علي، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: تقطع يده، والصواب قول الجماعة، لأنه ليس بسارق، ولا يجوز قطع غير السارق، وذكر ابن حزم عن عبد الله بن بريدة: أن رجلا باع نفسه فقضى عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، بأنه عبد كما أقر، وجعل ثمنه في سبيل الله تعالى، وروى ابن أبي شيبة عن شريك عن الشعبي عن علي، رضي الله تعالى عنه، قال: (إذا أقر على نفسه بالعبودية فهو عبد)، وروى سعيد بن منصور، فقال: حدثنا هشيم أنبأنا مغيرة بن مقسم عن النخعي