حيضتان، وقال ابن سيرين: ثلاث حيض، واختلف إذا أمن فيها الحمل؟ فقال مالك: يستبرىء، وقال مطرف وابن الماجشون: لا.
واختلفوا في قبلة الجارية ومباشرتها قبل الاستبراء، فأجاز ذلك الحسن البصري وعكرمة، وبه قال أبو ثور، وكرهه ابن سيرين، وهو قول مالك والليث وأبي حنيفة والشافعي، ووجهه قطعا للذريعة وحفظا للأنساب. وحجة المجيزين قوله صلى الله عليه وسلم: (لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائض حتى تطهر). فيدل هذا على أن ما دون الوطء من المباشرة والقبلة في حيز المباح، وسفره صلى الله عليه وسلم بصفية قبل أن يستبرئها حجة في ذلك، لكونه لو لم يحل له من مباشرتها ما دون الجماع، لم يسافر بها معه، لأنه لا بد أن يرفعها أو يتركها، وكان صلى الله عليه وسلم لا يمس بيده امرأة لا تحل له. ومن هذا اختلافهم في مباشرة المظاهرة وقبلتها، فذهب الزهري والنخعي ومالك وأبو حنيفة والشافعي: إلى أنه لا يقبلها ولا يتلذذ منها بشيء. وقال الحسن البصري: لا بأس أن ينال منها ما دون الجماع، وهو قول الثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، ولذلك فسر عطاء وقتادة والزهري قوله تعالى: * (من قبل أن يتماسا) * (المجادلة: 3 و 4). أنه عنى بالمسيس: الجماع، في هذه الآية.
211 ((باب بيع الميتة والأصنام)) أي: هذا باب في بيان تحريم بيع الميتة وتحريم بيع الأصنام، وهو جمع صنم. قال الجوهري: (هوالوثن. وقال غيره: الوثن ما له جثة والصنم ما كان مصورا، وقال ابن الأثير: الصنم ما اتخذ إلها من دون الله، وقيل: الصنم ما كان له جسم أو صورة، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن. وقال في: باب الواو بعدها الثاء المثلثة: الفرق بين الصنم والوثن أن الوثن: كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي يعمل وينصب فيعبد، والصنم: الصورة بلا جثة. ومنهم من لم يفرق بينهما، وأطلقهما على المعنيين، وقد يطلق الوثن على غير الصورة، وقد يطلق الوثن على الصليب. والميتة، بفتح الميم: هي التي تموت حتف أنفها من غير ذكاة، شرعية، والإجماع على تحريم الميتة، واستثنى منها السمك والجراد.
6322 حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ورجاله قد ذكروا غير مرة. والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن قتيبة، وفي التفسير عن عمرو بن خالد عن الليث ببعضه. وأخرجه مسلم أيضا في البيوع عن قتيبة به. وعن محمد بن المثنى وعن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير. وأخرجه أبو داود فيه عن قتيبة به وعن محمد بن بشار عن أبي عاصم به. وأخرجه الترمذي والنسائي جمعيا فيه عن قتيبة به. وأخرجه ابن ماجة في التجارات عن عيسى بن حماد عن الليث به.
ذكر معناه: قوله: (عن عطاء)، هذا رواية متصلة، ولكن نبه البخاري في الرواية المعلقة التي عقيب هذه: بأن يزيد بن أبي حبيب لم يسمعه من عطاء، وإنما كتب به إليه على ما يأتي، وقد اختلف العلماء في الاحتجاج بالكتابة، فذهب إلى صحتها أيوب السختياني ومنصور والليث بن سعد وآخرون، واحتج بها الشيخان، وقال ابن الصلاح: إنه الصحيح المشهور، وقال أبو بكر بن السمعاني، إنها أقوى من الإجازة، وتكلم فيها بعضهم ولم يرها حجة، لأن الخطوط تشتبه، وبه جزم الماوردي في (الحاوي). قوله: (عن جابر) وفي رواية أحمد عن حجاج بن محمد عن الليث بسنده: سمعت جابر بن عبد الله بمكة. قوله: (عام الفتح)، أي: فتح مكة. قوله: (وهو بمكة)، جملة حالية فيه بيان تاريخ ذلك، وكان ذلك في رمضان سنة ثمان من الهجرة. قيل: يحتمل أن يكون التحريم وقع قبل ذلك ثم أعاده، صلى الله عليه وسلم، يسمعه من لم يكن سمعه. قوله: (إن الله ورسوله حرم)، هكذا هو في الأصول الصحيحة، حرم، بإفراد الفعل ولم يقل: حرما، وهكذا في (الصحيحين) و (سنن) النسائي