عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٤٧
طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل قالت فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هاذا قال نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه قال يحيى فذكرته للقاسم فقال أتتك بالحديث على وجهه.
.
قيل لا مطابقة بين الحديث والترجمة، لأن الترجمة بالذبح والحديث بلفظ النحر. وأجيب: بأنه أشار بلفظ الذبح إلى ما ورد في بعض طرق الحديث بلفظ: الذبح، وسيأتي هذا بعد سبعة أبواب في: باب ما يأكل من البدن وما يتصدق، وللعلماء فيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى.
ذكر رجاله: وهم خمسة، قد تكرر ذكرهم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، و عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: الإخبار كذلك. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: السماع. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن رجاله مدنيون ما خلا شيخ البخاري فإنه تنيسي وهو أيضا من أفراده. وفيه: رواية التابعي عن التابعية عن الصحابية. وفيه: عن عمرة، وفي رواية سليمان بن بلال: عن يحيى حدثتني عمرة، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن القعنبي عن مالك، وفي الحج أيضا عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال، وأخرجه مسلم في الحج أيضا عن القعنبي عن سليمان بن بلال وعن محمد ابن أبي المثنى وعن ابن أبي عمر. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن سلمة والحارث بن مسكين وعن عمرو ابن علي وعن هناد.
ذكر معناه: قوله: (لخمس بقين)، كذا قالته عائشة لأنها حدثت بذلك بعد أن انقضى الشهر، فإن كان في الشهر فالصواب أن تقول: لخمس إن بقين، لأنه لا يدري الشهر كامل أو ناقص. قوله: (من ذي القعدة)، بفتح القاف وكسرها، سمي بذلك لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال. قوله: (لا نرى)، بضم النون وفتح الراء: أي لا نظن إلا الحج، وهذا يحتمل أن تريد حين خروجهم من المدينة قبل الإهلال، ويحتمل أن تريد إن إحرام من أحرم منهم بالعمرة لا يحل حتى يردف الحج، فيكون العمل لهما جميعا، والإهلال منهما، ولا يصح إرادتها، أن كلهم أحرم بالحج لحديثها الآخر من رواية عمرة عنها، فمنا من أهل بالحج، ومنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بهما. وقيل: لا نرى إلا الحج أي: لم يقع في أنفسهم إلا ذلك، وقال الداودي: وفيه دليل أنهم أهلوا منتظرين، وترد عليه رواية: (لا نذكر إلا الحج). قوله: (أن يحل)، بكسر الحاء أي: يصير حلالا بأن يتمتع، وأما من معه الهدي، فلا يتحلل حتى يبلغ الهدي. قوله: (فدخل علينا) على صيغة المجهول، بضم الدال. قوله: (يوم النحر)، بالنصب على الظرفية أي: في يوم النحر. قوله: (نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه) مقتضاه نحر البقر. قوله: (فقال أتتك) أي: قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنهم، أتتك عمرة، رضي الله تعالى عنها، بالحديث الذي حدثته على وجهه، يعني: ساقته لك سياقا تاما لم تختصر منه شيئا، ولا غيرته بتأويل ولا غيره، فذكرت ابتداء الإحرام وانتهاءه حتى وصلوا إلى مكة، وفيه تصديق لعمرة، وإخبار عن حفظها وضبطها.
ذكر ما يستفاد منه فيه: أن نحر البقر جائز عند العلماء إلا أن الذبح مستحب عندهم لقوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) * (البقرة: 76). وخالف الحسن بن صالح فاستحب نحرها. وقال مالك: إن ذبح الجزور من غير ضرورة أو نحر الشاة من غير ضرورة لم تؤكل، وكان مجاهد يستحب نحر البقر. قلت: الحديث ورد بلفظ النحر، كما ههنا، وورد أيضا بلفظ: الذبح، وعليه ترجم البخاري على ما يأتي إن شاء الله تعالى. قيل: يجوز أن يكون الراوي لما استوى الأمران عنده عبر مرة بالنحر ومرة بالذبح. وفي رواية ضحى، قال ابن التين: فإن يكن هدايا فهو أصل مذهب مالك، وإن يكن ضحايا فيحتمل أن تكون واجبة كوجوب ضحايا غير الحاج. وقال القدوري: المستحب في الإبل النحر، فإن ذبحها جاز ويكره، وإنما يكره فعله لا المذبوح، والذبح هو قطع العروق التي في أعلى العنق تحت اللحيين، والنحر يكون في اللبة، كما أن الذبح يكون في الحلق. وفيه: احتجاج جماعة من العلماء في جواز الاشتراك في هدي التمتع والقران، ومنعه مالك. قال ابن بطال: ولا حجة لمن خالفه في هذا الحديث
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»