عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٦٨
منه ما شئنا طبيخا وشواء ثم تزودنا منه.
وأخرج الطحاوي حديث أبي قتادة من خمس طرق صحاح.
الأول: عن أبي سعيد الخدري، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة... الحديث، وقد ذكرناه عن قريب.
الثاني: عن عباد بن تميم (عن أبي قتادة أنه كان على فرس وهو حلال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمون، فبصر بحمار وحش، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعينوه، فحمل عليه فصرع أتانا فأكلوا منه).
الثالث: عن عثمان بن عبد الله بن موهب (عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه كان في قوم محرمين وليس هو بمحرم، وهم يسيرون، فرأوا حمارا فركب فرسه فصرعه، فأتوا النبي، صلى الله عليه وسلم، فسألوه عن ذلك، فقال أشرتم أوصدتم أو قتلتم؟ قالوا: لا، قال: فكلوا).
الرابع: عن نافع مولى أبي قتادة (عن أبي قتادة أنه كان مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان ببعض طرق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم، فرأى حمارا وحشيا فاستوى على فرسه، ثم سأل أصحابه أن يناولوه سوطه، فأبوا، فسألهم رمحه فأبوا، فأخذه ثم شد على الحمار فقتله، فأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بعضهم، فلما أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك، فقال: إنما هي طعمة أطعمكموها الله).
الخامس: عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة مثله، وزاد: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل معكم من لحمه شيء؟ فقد علمنا أن أبا قتادة لم يصده في وقت ما صاده إرادة منه أن يكون له خاصة، وإنما أراد أن يكون له ولأصحابه الذين كانوا معه).
قوله: (وخشينا أن نقتطع) أي: نصير مقطوعين عن النبي صلى الله عليه وسلم منفصلين عنه لكونه سبقهم، وعند أبي عوانة عن علي بن المبارك عن يحيى بلفظ: (وخشينا أن يقتطعنا العدو)، وفي رواية للبخاري: (وأنهم خشوا أن يقتطعهم العدو دونك). وقال ابن قرقول: أي يحوذنا العدو عنك، ومن حملتك. وقال القرطبي: أي: خفنا أن يحال بيننا وبينهم ويقتطع بنا عنهم. قوله: (ارفع) بالتخفيف والتشديد أي: أرفعه في سيره وأجربه. قوله: (شأوا) بالشين المعجمة وسكون الهمزة: وهو الطلق والغاية، ومعناه: أركضه شديدا تارة وأسهل سيره تارة. قوله: (من بني غفار)، بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء وفي آخره راء، منصرف وغير منصرف. قوله: (بتعهن)، بكسر المثناة من فوق وفتحها وسكون العين المهملة وكسر الهاء وبالنون، وفي رواية الأكثرين بالكسر، وفي رواية الكشميهني بكسر أوله وثالثه، وفي رواية غيره بفتحهما، وحكى أبو ذر الهروي أنه سمعها من العرب بذلك المكان بفتح الهاء، ومنهم من يضم التاء ويفتح العين ويكسر الهاء، وضبطه أبو موسى المديني بضم أوله وثانيه وبتشديد الهاء، قال: ومنهم من يكسر التاء، وأصحاب الحديث يسكنون العين، ووقع في رواية الإسماعيلي: (بدعهن)، بالدال المهملة موضع التاء. قلت: يمكن أن يكون ذلك من تصرف اللافظين لقرب مخرج التاء من الدال، وهو، عين ماء على ثلاثة أميال من السقيا، بضم السين المهملة وسكون القاف وتخفيف الياء آخر الحروف، والقصر، هي قرية بين مكة والمدينة من أعمال الفرع، بضم الفاء وسكون الراء وبالعين المهملة. وقال البكري: الفرع من أعمال المدينة الواسعة والصفراء وأعمالها من الفرض ومنضافة إليها. قوله: (وهو قائل) جملة اسمية، وقال النووي: قائل روي بوجهين: أصحهما: وأشهرهما من القيلولة يعني: تركته بتعهن، وفي عزمه أن يقيل بالسقيا. الثاني: بالباء الموحدة، وهو ضعيف غريب، وكأنه تصحيف فإن صح فمعناه أن تعهن موضع مقابل السقيا، فعلى الوجه الأول الضمير في قوله: (وهو) يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الوجه الثاني يرجع إلى قوله: (تعهن). وقال القرطبي قوله: (قائل)، من القول ومن القائلة والأول هو المراد هنا، والسقيا مفعول بفعل مضمر، والضمير: كان بتعهن وهو يقول لأصحابه اقصدوا السقيا، ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق ابن علية عن هشام: (وهو قائم بالسقيا)، يعني من القيام، ولكنه قال: الصحيح: قائل، باللام. قوله: (فقلت)، فيه حذف تقديره: فسرت فأدركته فقلت: يا رسول الله! وتوضحه رواية علي بن المبارك في الباب الذي يليه بلفظ: (فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيته فقلت: يا رسول الله). قوله: (أن أهلك) أراد إن أصحابك، والدليل عليه رواية أحمد ومسلم وغيرهما رواية أحمد ومسلم من هذا الوجه بلفظ: (إن أصحابك). قوله: (فانتظرهم)، بصيغة الأمر من الانتظار، أي: انتظر أصحابك. وفي رواية مسلم بهذا الوجه: فانتظرهم، بصيغة الماضي أي: انتظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية علي بن المبارك: (فانتظرهم ففعل). قوله: (فاضلة)، بمعنى: فضلة. وقال الخطابي: أي قطعة قد فضلت منه فهي فاضلة أي: باقية معي.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»