أن النزول بعد الحكم. وفي رواية عبد الله بن معقل: أن النزول قبل الحكم. قال عياض: يحمل على أنه حكم عليه بالكفارة بوحي غير متلو. ثم نزل القرآن ببيان ذلك. قوله: (أن يطعم فرقا بين ستة)، قد مر تفسير الفرق عن قريب، أي: أمره أن يطعم من الطعام قدر فرق منه بين ستة مساكين. قوله: (أو يهدي شاة) أطلق على الفدية بالشاة اسم الهدي، وبه يرد على من منع ذلك.
ذكر ما يستفاد منه: قد ذكرنا في أول أحاديث الباب أحكاما كثيرة من حديث كعب، ونذكر هنا ما لم نذكره هناك، فمن ذلك: ما احتج به مالك في قوله: (ولم يتبين لهم...) إلى آخره، على وجوب الكفارة على المرأة تقول في رمضان، غدا حيضتي. وعلى الرجل يقول: غدا يوم حماي، فيفطران ثم ينكشف الأمر بالحمى والحيض، كما قالا إن عليهما الكفارة. لأن الذي كان في علم الله أنهم يحلون بالحديبية لم يسقط عن كعب الكفارة التي وجبت عليه بالحلق قبل أن ينكشف الأمر.
ومنه: أن قوله: (إحلق)، يحتمل الندب والإباحة. قال ابن التين: وهذا يدل على أن إزالة القمل عن الرأس ممنوعة، ويجب به الفدية، وكذلك الجسد عند مالك. ثم قال: وقال الشافعي: أخذ القملة من الجسد مباح، وفي أخذها من الرأس الفدية لأجل ترفهه لا لأجل القملة. وقال صاحب (التوضيح): وهذا غريب، فإن الشافعي قال: من قتل قملة تصدق بلقمة، وهو على وجه الاستحباب.
ومنه: أن النسك ههنا شاة، فلو تبرع بأكثر من هذا جاز.
ومنه: أن صوم ثلاثة أيام لا يجوز في أيام التشريق، وبه قال عطاء في رواية، وسعيد بن جبير وطاووس وإبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعد وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأحمد في رواية، وهو قول عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهم. وقال أبو بكر الجصاص في (أحكام القرآن) اختلف السلف فيمن لم يجد الهدي ولم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر، فقال عمر وابن عباس وسعيد بن جبير وإبراهيم وطاووس: لا يجزيه إلا الهدي، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال ابن عمر وعائشة: يصوم أيام منى، وهو قول مالك. وقال علي بن أبي طالب: يصوم بعد أيام التشريق، وبه قال الشافعي.
ومنه: أن السنة مبينة لمجمل الكتاب لإطلاق الفدية في القرآن وتقييدها بالسنة.
ومنه: تلطف الكبير بأصحابه وعنايته بأحوالهم وتفقده لهم، وإذا رأى ببعض أصحابه ضررا سأل عنه وأرشده إلى المخرج عنه.
ومنه: أن بعض المالكية استنبطوا منه إيجاب الفدية على من تعمد حلق رأسه بغير عذر، فإن إيجابها على المعذور من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، لكن لا يلزم من ذلك التسوية بين المعذور وغيره، ومن ثمة قال الشافعي: وجمهور العلماء لا يتخير العامد، بل يلزمه الدم، وخالف في ذلك أكثر المالكية، واحتج لهم القرطبي، بقوله في حديث كعب: (أو اذبح نسكا). قال: فهذا يدل على أنه ليس بهدي. قال: فعلى هذا يجوز أن يذبحها حيث شاء، ورد عليه بأنه لا دلالة فيه، إذ لا يلزم من تسميتها نسكا أو نسيكة أن لا تسمى هديا؟ أو لا يعطى حكم الهدي؟ وقد وقع تسميتها: هديا، في هذا الباب حيث قال: (ويهدي شاة)، وفي رواية لمسلم: (واهد هديا)، وفي رواية للطبراني: (هل لك هدي؟ قلت: لا أجد)، وهذا يدل على أن ذلك من تصرف الرواة، ويؤيده قوله في رواية مسلم: (أو اذبح شاة).
8181 وعن محمد بن يوسف قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أخبرنا عبد الرحمان بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه وقمله يسقط على وجهه مثله.
.
ظاهره التعليق ولكنه عطف على روح، وأشار بهذا إلى أن إسحاق رواه عن روح، ورواه أيضا عن محمد بن يوسف الفريابي، وكذا وقع في تفسير إسحاق، وورقاء هو ابن عمر بن كليب أبو بشر اليشكري، ويقال: الشيباني، أصله من خوارزم، ويقال: