مطابقته للترجمة من حيث إن تقديرها لا يشتري في جواب الاستفهام كما ذكرناه. ورجاله ستة قد ذكروا كلهم، وعقيل، بضم العين: ابن خالد، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري، وأخرجه النسائي في الزكاة عن محمد بن عبد الله المخزومي ورواه معن بن عيسى عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر، وكذا رواه أبو قلابة عن بشر بن عمر عن مالك، رضي الله تعالى عنه. ورواه عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر، وقال الدارقطني: والأشبه بالصواب قول من قال: عن ابن عمر أن عمر، وفي رواية للبخاري (عن ابن عمر أن عمر حمل على فرس في سبيل الله أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحمل عليها، فحمل عليها رجلا...) وفي رواية ابن عبد البر: (لا تشتره ولا شيئا من نتاجه). وفي (العلل) لابن أبي حاتم: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا تصدقت بصدقة فأمضها، لقد تصدقت بتمر على مساكين فوجدت تمرة، فأدخلت يدي في في ثم لفظتها خشية أن تكون من الصدقة). وفي (المصنف): فرآه عمر، رضي الله تعالى عنه، أو شيئا من نسله يباع في السوق، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أتركه حتى يوافيك يوم القيامة. وعن الزبير بن العوام أن رجلا حمل على فرس في سبيل الله تعالى، فرأى فرسه أو مهره يباع بنسب فرسه فنهى عنها). وعن أسامة بسند جيد: (أنه حمل على مهر له في سبيل الله تعالى، فرآه بعد ذلك يباع، فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم عنه فنهاني عنه). وروى الشعبي عن زياد بن حارثة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث أسامة.
ذكر معناه: قوله: (تصدق بفرس)، أي: حمل عليه رجلا، ومعناه أنه ملكه له، فلذلك ساغ له بيعه. وقال ابن عبد البر: أي حمله على فرس حمل تمليك وغزا به فله أن يفعل فيه ما شاء في سائر أمواله، وقيل: كان عمر، رضي الله تعالى عنه، قد حبسه، وفي هذا الوجه إنما ساغ للرجل بيعه لأنه انهزل وعجز لأجله عن اللحاق بالخيل، وانتهى إلى حالة عدم الانتفاع به. وقال ابن سعد: كان اسم هذا الفرس: الورد، وكان لتميم الداري فأهداه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه لعمر، رضي الله تعالى عنه. قوله: (في سبيل الله)، المراد به جهة الغزاة. وقال الكرماني: المفهوم من السبيل الوقف فكيف يصح الابتياع؟ قلت: تمليكه للغازي، والمتبادر إلى الذهن من سبيل الله: الجهاد. قلت: لا نسلم أن المفهوم من السبيل الوقف، بل المراد من سبيل الله الغازي أو الحاج، وفيه خلاف. قوله: (يباع)، على صيغة المجهول، جملة حالية لأن وجده بمعنى أصابه. قوله: (فاستأمره) أي: استشاره. قوله: (فلا تعد) أي: فلا ترجع في صدقتك، ولو كان حبسا لعلله به، وبهذا يرد على من قال: إنه كان محبسا، ولئن كان حبسا يحتمل أن عمر، رضي الله تعالى عنه، ظن أنه يجوز له هذا، ويباح له شراء الحبس، غير أن منعه صلى الله عليه وسلم من شرائه وتعليله بالرجوع دليل على أنه لم يكن حبسا. قوله: (فبذلك) أي: فبسبب (ذلك كان ابن عمر) يعني: عبد الله. قوله: (لا يترك)، كذا هو بحرف النفي في رواية أبي ذر، ويروى: يترك، ووجهه ظاهر. وإما وجه: لا يترك، فهو أن الترك بمعنى التخلية، وكلمة: من، مقدرة أي: لا يخلي الشخص من أن يبتاعه في حال إلا حال جعله صدقة أو لغرض إلا لغرض الصدقة.
ذكر ما يستفاد منه فيه: كراهة شراء الرجل صدقته، وقال ابن بطال: كره أكثر العلماء شراء الرجل صدقته لحديث عمر، رضي الله تعالى عنه، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي، وسواء كانت الصدقة فرضا أو تطوعا، فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخ بيعه، وأولى به التنزه عنها، وكذا قولهم فيما يخرجه المكفر في كفارة اليمين. وقال ابن المنذر: رخص في شراء الصدقة الحسن وعكرمة وربيعة والأوزاعي، قال ابن القصار: قال قوم: لا يجوز لأحد أن يشتري صدقته ويفسخ البيع، ولم يذكر قائل ذلك، وكأنه يريد به أهل الظاهر. وأجمعوا أن من تصدق بصدقة ثم ورثها أنها حلال له، وقد جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية وأنها ماتت، قال: وجب أجرك وردها على الميراث، وقال ابن التين: وشذت فرقة من أهل الظاهر فكرهت أخذها بالميراث ورأوه من باب الرجوع في الصدقة وهو سهو لأنها تدخل قهرا، وإنما كره شراؤها لئلا يحابيه المصدق بها عليه فيصير عائدا في بعض صدقته، لأن العادة أن الصدقة التي تصدق بها عليه يسامحه إذا باعها، ويقال: لا يكون الحبس إلا أن ينفق عليه المحبس من ماله، وإذا خرج خارج إلى الغزو ودفعه إليه مع نفقته على أن يغزو به ويصرفه إليه فيكون موقوفا على مثل ذلك، فهذا لا يجوز بيعه بإجماع وأما إذا جعله في سبيل الله وملكه الذي دفعه إليه فهذا يجوز بيعه، وقال جماعة من العلماء: كان عمر، رضي الله تعالى عنه: لا يكره أن