(التوضيح): وفيه: الدليل الواضح على صحة قول القائل: إن على ولي الصغيرة المتوفى عنها زوجها أن يجنبها الطيب والزينة والمبيت عن المسكن الذي تسكنه، والنكاح وجميع ما يجب على البالغات المعتدات اجتنابه، وعلى خطأ قول القائل: ليس ذلك على الصغيرة اعتلالا منهم بأنها غير متعبدة بشيء من الفرائض، لأن الحسن كان لا يلزمه الفرائض، فلم يكن لإخراج التمرة من فيه معنى إلا من أجل ما كان على النبي صلى الله عليه وسلم من منعه ما على المكلفين منه من أجل أنه وليه. قلت: يلزمهم على هذا أن يجتنبوا عن إلباسهم الصغار الحرير، ومع هذا جوزوا ذلك، وقياسهم المسألة المذكورة على قضية الحسن غير صحيح، لأنه صلى الله عليه وسلم ما منع الحسن عن ذلك إلا لأجل أنه من جزئه، وليس ذلك لأجل ما كان عليه من منعه ما على المكلفين من ذلك، والتعليل بأنها غير متعبدة بشيء من الفرائض صحيح لا نزاع فيه لأحد، واعترافهم بصحة السند يلزمهم باعتراف الحكم به على ما لا يخفى على المتأمل.
85 ((باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه وقد وجب فيه العشر أو الصدقة فأدى الزكاة من غيره أو باع ثماره ولم تجب فيه الصدقة وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها فلم يحظر البيع بعد الصلاح على أحد ولم يخص من وجب عليه الزكاة ممن لم تجب)) أي: هذا باب في بيان حكم من باع ثماره أو باع نخله أو باع أرضه أو باع زرعه، والحال أنه قد وجب فيه العشر أو الصدقة، أي: الزكاة، فأدى الزكاة من غير ما باع من هذه الأشياء، أو باع ثماره ولم تجب فيه الصدقة، وهو تعميم بعد تخصيص، والمراد من النخل التي عليها الثمار، ومن الأرض التي عليها الزرع، لأن الصدقة لا تجب في نفس النخل والأرض، وهذا يحتمل ثلاثة أنواع من البيع. الأول: بيع الثمرة فقط. الثاني: بيع النخل فقط. الثالث: بيع التمر مع النخل، وكذا بيع الزرع مع الأرض أو بدونها أو بالعكس، وجواب: من، محذوف تقديره: من باع ثماره... إلى آخره جاز بيعه فيها، فدلت هذه الترجمة على أن البخاري يرى جواز بيع الثمرة بعد بدو صلاحها، سواء وجب عليه الزكاة أم لا. وقال ابن بطال: غرض البخاري الرد على الشافعي حيث قال بمنع البيع بعد الصلاح حتى يؤدي الزكاة منها، فخالف إباحة النبي صلى الله عليه وسلم له. قوله: (وقول النبي صلى الله عليه وسلم)، بالجر عطف على قوله: (من باع)، لأنه مجرور محلا بالإضافة، والتقدير: وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا... الحديث، وهذا معلق سنده من حديث ابن عمر على ما يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى. قوله: (لا تبيعوا الثمرة) يعني بدون النخلة، (حتى يبدو) أي: حتى يظهر صلاحها، وإنما قدرنا هذا لجواز بيعها معها قبل بدو الصلاح إجماعا. قوله: (فلم يحظر) من كلام البخاري، وهو بالظاء المعجمة، من الحظر، وهو المنع والتحريم، وهو على بناء الفاعل، والضمير الذي فيه يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أي: لم يحرم النبي صلى الله عليه وسلم البيع بعد الصلاح على أحد، سواء وجبت عليه الزكاة أو لا. وأشار إليه بقوله: (ولم يخص) أي: النبي صلى الله عليه وسلم من وجبت عليه الزكاة ممن لم تجب عليه، وبهذا رد البخاري على الشافعي في أحد قوليه: إن البيع فاسد، لأنه باع ما يملك وما لا يملك، وهو نصيب المساكين، ففسدت الصفقة، وإنما ذكر قوله: (فلم يحظر) بالفاء لأنه تفسير لما قبله.
6841 حدثنا حجاج قال حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله تعالى عنهما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها وكان إذا سئل عن صلاحها قال حتى تذهب عاهته.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه أسند ذلك الذي علقه فيما قبل، وهو قوله: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها).
ذكر رجاله: وهم: أربعة قد ذكروا غير مرة، والحجاج هو ابن المنهال.
وفيه: التحديث بصيغة الجمع في