ابن زياد: (فنظر إليه فإذا هو يلوك تمرة، فحرك خده، وقال: ألقها يا بني ألقها يا بني). فما التوفيق بينه وبين قوله: (كخ كخ؟) قلت: هو أنه كلمة أولا بهذا، فلما تمادى قال: كخ كخ إشارة إلى استقذار ذلك، وقد ذكرنا الحكمة في تحريمها عليهم أنها مطهرة للملاك ولأموالهم، قال تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) * (التوبة: 301). فهي كغسالة الأوساخ، وأن آل محمد منزهون عن أوساخ الناس وغسالاتهم، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الصدقة أوساخ الناس)، كما رواه مسلم، وأما إن أخذها مذلة، واليد السفلى، ولا يليق بهم الذل والافتقار إلى غير الله تعالى، ولهم اليد العليا وأما أنها لو أخذوها لطال لسان الأعداء بأن محمدا يدعونا إلى ما يدعونا إليه ليأخذ أموالنا ويعطيها لأهل بيته. قال تعالى: * (قل، لا أسألكم عليه أجرا) * (الأنعام: 09، الشورى: 32). ولهذا أمر أن تصرف إلى فقرائهم في بلدهم. قوله: (إنا لا نأكل الصدقة)، وفي رواية مسلم: (إنا لا تحل لنا الصدقة) وفي رواية معمر: (إن الصدقة لا تحل لآل محمد)، وفي رواية الطحاوي: (إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة).
16 ((باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم)) أي: هذا باب في بيان حكم الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أي: على عتائقهن. قيل: لم يترجم لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا موالي النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يثبت عنده فيه شيء؟ قلت: روى الأئمة الأربعة وصححه الترمذي وابن حبان وغيره عن أبي رافع مرفوعا: (إنا لا تحل لنا الصدقة وأن موالي القوم من أنفسهم). وإليه ذهب أبو حنيفة وأحمد وابن الماجشون المالكي، وهو الصحيح عند الشافعية، وقال غيرهم: يجوز لهم لأنهم ليسوا منهم حقيقة، فإذا كان الأمر كذلك ما كان ينبغي الاعتذار عن البخاري في تركه الترجمة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا لمواليه بقوله لأنه لم يثبت عنده فيه شيء لأن البخاري لم يلتزم أن يذكر كل صحيح عنده أو عند غيره، وقيل: إنما أورد البخاري هذه الترجمة ليحقق أن الأزواج لا يدخلن ولا تحرم عليهن الصدقة، وكذا قال ابن بطال: إن الأزواج لا يدخلن في ذلك باتفاق الفقهاء، فإذا لم يدخلن هن فمواليهن أحرى بعدم الدخول. قلت: روى الخلال من طريق ابن أبي مليكة (عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، قالت: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة)، ذكره ابن قدامة، وقال: هذا يدل على تحريمها، وكذا رواه ابن أبي شيبة في (مصنفه) حدثنا وكيع عن شريك عن ابن أبي مليكة أن خالد بن سعيد بن العاص أرسل إلى عائشة شيئا من الصدقة، فردته فقالت: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.
2941 حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. قال وجد النبي صلى الله عليه وسلم شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة قال النبي صلى الله عليه وسلم هلا انتفعتم بجلدها قالوا إنها ميتة قال إنما حرم أكلها.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة)، فإن مولاة ميمونة أعطيت صدقة فلم ينكر عليها، فدل على أن موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تحل لهم الصدقة، وبهذا علم أن مراد البخاري من هذه الترجمة التنبيه على ذلك، لا ما قاله الإسماعيلي: هذه الترجمة مستغنى عنها، فإن تسمية المولى لغير فائدة، وإنما هو لسوق الحديث على وجهه فقط.
ذكر رجاله: وهم: ستة: الأول: سعيد بن عفير، بضم العين المهملة وفتح الفاء، مر في باب من يرد الله به خيرا. الثاني: عبد الله ابن وهب. الثالث: يونس ين يزيد. الرابع: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الخامس: عبيد الله، بضم العين: ابن عبد الله، بفتح العين: ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة. السادس: عبد الله بن عباس.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في موضع واحد. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه منسوب إلى جده لأنه سعيد بن كثير بن عفير وأنه وابن وهب مصريان، وأن يونس أيلي وأن ابن شهاب وعبيد الله مدنيان، وقال