عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٨٠
ذكرناه الآن. وحديث الحسين بن علي، رضي الله تعالى عنهما، رواه أحمد في (مسنده): حدثنا وكيع، قال: حدثنا ثابت ابن عمارة عن ربيعة بن شيبان، قال: قلت للحسين بن علي: ما تعقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: صعدت غرفة فأخذت تمرة فلكتها في في قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألقها، فإنا لا تحل لنا الصدقة، وقد تقدم حديث الحسن بن علي على نحو هذا، وكلاهما من رواية أبي الحوراء عنه، وأبو الحوراء هو ربيعة بن شيبان، قال شيخنا زين الدين: الظاهر أنهما واقعتان لكل واحد واحدة، فالحسن مر على جرين تمر، والحسين صعد غرفة فيها تمر الصدقة، ورواه الطبراني، وفي روايته الحسن مكبر، وطرق حديثه أكثر من طرق حديث الحسين، والله أعلم.
ذكر معناه: قوله: (عند صرام النخل) أي: عند جذاذه، وهو قطع التمرة منه، وقد ذكرناه. قوله: (كوما)، بفتح الكاف وسكون الواو، وهو معروف، وأصله: القطع العظيمة من الشيء، والمراد به: ما اجتمع من التمر كالصرمة. وقال الكرماني: كوما، بضم الكاف. وقال الجوهري: يقال: كومت كومة، بالضم: إذا جمعت قطعة من تراب ورفعت رأسها، وهو في الكلام بمنزلة قولك: صبرة من الطعام. قال: وفي بعض الرواية بالفتح. وانتصاب كوما على أنه خبر: يصير، أي: حتى يصير التمر عنده كوما ويروى: كوم، بالرفع على أنه اسم: يصير، ويكون: يصير، تامة فلا تحتاج إلى خبر. قوله: (من تمر) كلمة: من، بيانية، وقال الكرماني: قال أولا بثمرة يعني بالباء، وهنا قال: من تمر، يعني بكلمة: من، لأن في الأول ذكر المجبىء به، وفي الثاني المجىء عنه، وهما متلازمان وإن تغايرا مفهوما. قوله: (فأخذ أحدهما) وهو الحسن مكبر كما سيأتي بعد بابين من رواية شعبة عن محمد بن زياد بلفظ: فأخذ الحسن بن علي. قوله: (فجعله) إنما ذكر الضمير الذي يرجع إلى: التمرة، باعتبار المأخوذ، وفي رواية الكشميهني: فجعلها، أي: التمرة على الأصل. قوله: (في فيه) أي: في فمه، وفي الفم تسع لغات : تثليث الفاء مع تخفيف الميم والنقص وفتح الفاء وضمها مع تشديد الميم وفتحها وضمها وكسرها مع التخفيف والقصر. قوله: وحكى ابن الأعرابي في تثنيته: فموان وفميان، وحكى اللحياني أنه يقال: فم وأفمام، واللغة التاسعة: النقص واتباع الفاء الميم في الحركات الإعرابية، تقول: هذا فمه، ورأيت فمه، ونظرت إلى فمه. قوله: (أما علمت؟) ويروى بدون همزة الاستفهام لكنها مقدرة. قوله: (إن آل محمد) آل النبي صلى الله عليه وسلم بنو هاشم خاصة عند أبي حنيفة ومالك، وعند الشافعي: هم بنو هاشم وبنو المطلب، وبه قال بعض المالكية. قال القاضي: وقال بعض العلماء: هم قريش كلها. وقال إصبغ المالكي: هم بنو قصي، وبنو هاشم هم آل علي، وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب، وهاشم هو ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة فافهم. وفي (التوضيح): وقالت المالكية: بنو هاشم آل، وما فوق غالب ليس بآل، وفيما بينهما قولان. وقال إصبغ: هم عترته الأقربون الذين ناداهم حين أنزل الله * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * (الشعراء: 412). وهم آل عبد المطلب وهاشم وعبد مناف وقصي وغالب، وقد قيل: قريش كلها. وقال ابن حبيب: لا يدخل في آله من كان فوق بني هاشم من بني عبد مناف أو من قصي أو غيرهم، وكذا فسر ابن الماجشون ومطرف، وحكاه الطحاوي عن أبي حنيفة. وعلى قول إصبغ: لا يأخذها الحلفاء الثلاثة الأول ولا عبد الرحمن ولا سعيد بن أبي وقاص ولا طلحة ولا الزبير ولا سعد ولا أبو عبيدة. وقال: الأصح عندنا إلحاق مواليهم بهم، وبه قال الكوفيون والثوري، وعند المالكية قولان لابن القاسم وإصبغ. قال إصبغ: احتججت على ابن القاسم بالحديث: مولى القوم منهم، فقال: قد جاء حديث آخر: ابن أخت القوم منهم، فكذلك حديث المولى، وإنما تفسير: مولى القوم منهم، في البر كما في حديث: (أنت ومالك لأبيك)، أي في: البر لا في القضاء واللزوم، ونقل ابن بطال عن مالك والشافعي وابن القاسم الحل، وما حكاه عن الشافعي غريب.
ذكر ما يستفاد منه فيه: أن الصدقة لا تحل لآل محمد، وفي (الذخيرة) للقرافي: إن الصدقة محرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إجماعا. وفي (المغني): الظاهر أن الصدقة فرضها ونفلها كانت محرمة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وقال ابن شداد في (أحكامه): اختلف الناس في تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر ابن تيمية في الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهين، وللشافعي قولين. قال: وإنما تركها تنزها. وعن أحمد: حل صدقة التطوع له، وفي (نهاية المطلب) يحرم
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»