عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٧٥
الكتان والقثاء والخيار ونحوها، وفي البقول كالرشال والفجل، وفي القرطم والترمس والسمسم، وتجب عنده في التمر والزبيب واللوز والبندق والفستق، دون الجوز والتين والمشمش والتفاح والكمثري والخوخ والإجاص، دون القثاء والخيار والباذنجان وألقت والجزر، ولا تجب في ورق السدر والخطمي والأشنان والآس، ولا في الأزهار كالزعفران والعصفر، ولا في القطن.
القول السادس: تجب في الحبوب والبقول والثمار، وهو قول حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة.
القول السابع: ليس في شيء من الزرع زكاة إلا في التمر والزبيب والحنطة والشعير، حكاه العبدري عن الثوري وابن أبي ليلى، وحكاه ابن العزى عن الأوزاعي وزاد: الزيتون.
القول الثامن: يؤخذ من الخضراوات إذا بلغت مائتي درهم، وهو قول الحسن والزهري.
القول التاسع: أن ما يوسق يجب في خمسة أوسق منه، وما لا يوسق يجب في قليله وكثيره، وهو قول داود الظاهري وأصحابه.
قال أبو عبد الله هاذا تفسير الأول لأنه لم يوقت في الأول يعني حديث ابن عمر وفيما سقت السماء العشر وبين في هاذا ووقت والزيادة مقبولة والمفسر يقضي على المبهم إذا رواه أهل الثبت كما روي الفضل ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة وقال بلال قد صلى فأخذ بقول بلال وترك قول الفضل.
هذا كله وقع في رواية أبي ذر ههنا عقيب حديث ابن عمر المذكور، وفي نسخة الفربري وقع في الباب الذي بعد هذا الباب بعد حديث أبي سعيد، وكذا وقع عند الإسماعيلي، وجزم أبو علي الصدفي بأن ذكره عقيب حديث ابن عمر من قبل بعض نساخ الكتاب. قلت: وكذا قال التيمي، ونسبه إلى غلط من الكاتب، ولا احتياج إلى هذه المشاححة، ولكل ذلك وجه لا يخفى، ولكن رجح بعضهم كونه بعد حديث أبي سعيد لأنه هو المفسر لحديث ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، ولا حاجة إلى هذا الترجيح أيضا لأنا نمنع الإجمال والتفسير ههنا، وقد ذكرناه عن قريب.
قوله: (قال أبو عبد الله)، هو البخاري نفسه. قوله: (هذا تفسير الأول)، أشار بهذا إلى حديث أبي سعيد الذي يأتي وأراد بالأول حديث ابن عمر، فهذا يدل على أن هذا الكلام من البخاري إنما كان بعد حديث أبي سعيد، وهو ظاهر. قوله: (لأنه لم يوقت في الأول) أي: لم يعين شيئا في حديث ابن عمر، وهو قوله: (فيما سقت السماء العشر). قوله: (وبين في هذا) أي: في حديث أبي سعيد، ووقت أي: عين، وهو قوله: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)، وقد عين فيه بأن النصاب خمسة أوسق. قوله: (والزيادة) يعني: تعيين النصاب (مقبولة) يعني: من الثقة. قوله: (والمفسر)، بفتح السين يعني: المبين، وهو الخاص (يقضي) أي: يحكم (على المبهم) أي العام، وسمى البخاري الخاص بحسب تصرفه مفسرا لوضوح المراد منه، وسمى العام مبهما لاحتمال إرادة الكل والبعض منه، وغرضه أن حديث ابن عمر عام للنصاب، ودونه وحديث أبي سعيد، وهو: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)، خاص بقدر النصاب، والخاص والعام إذا تعارضا يخصص الخاص العام، وهو معنى القضاء عليه، وهذا حاصل ما قاله البخاري. قلت: قد ذكرنا عن قريب أن إجراء العام على عمومه أولى من التخصيص، فارجع إليه.
والتحقيق في هذا المقام أنه: إذا ورد حديثان أحدهما عام والآخر خاص فإن علم تقديم العام على الخاص خص العام بالخاص، كمن يقول لعبده: لا تعط لأحد شيئا، ثم قال له: أعط زيدا درهما، وإن علم تقديم الخاص على العام ينسخ العام للخاص، كمن يقول لعبده: أعط زيدا درهما، ثم قال له: لا تعط أحدا شيئا، فإن هذا ناسخ للأول، هذا مذهب عيسى بن أبان، وهو المأخوذ به، وإذا لم يعلم فإن العام يجعل آخرا لما فيه من الاحتياط، وهنا لم يعلم التاريخ فيجعل العام آخرا احتياطا، والنبي صلى الله عليه وسلم نفى الصدقة ولم ينف العشر، وقد كان في المال صدقات نسختها آية الزكاة، والعشر ليس بصدقة مطلقة إذ فيه معنى المؤونة، حتى وجب في أرض الوقف ولا تجب الزكاة في الوقف. وقال الكرماني: مذهب الحنفي أن الخاص المتقدم منسوخ بالعام المتأخر، ولعله ضبط التاريخ وعلم تقديم حديث أبي سعيد، فلهذا لا يشترط النصاب فيه. قلت: فيلزم عليه أن يقول بمثله في الورق، إذ مر في: باب زكاة الغنم، في الرقة ربع العشر، انتهى. قلت: لا يلزمه ذلك لأنه لم يدع ضبط
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»