عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٤٥
نمر، مر في أول: باب التيمم. الثالث: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، أبو عثمان القرشي العدوي. الرابع: نافع مولى ابن عمر. الخامس: عبد الله بن عمر بن الخطاب. السادس: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الإفراد في موضع واحد وبصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه من أفراده وأنه طوسي سكن بغداد وعبد الله بن نمير كوفي وعبيد الله ونافع مدنيان.
ذكر معناه: قوله: (لما فتح هذان المصران) فتح في رواية الأكثرين بضم الفاء على بناء ما لم يسم فاعله، وفي رواية الكشميهني بفتح الفاء على البناء للفاعل، وهذين المصرين، مفعوله، وطوى ذكر الفاعل للعلم به، والتقدير: لما فتح الله هذين المصرين، وكذا ثبت في رواية أبي نعيم في (المستخرج)، وبه جزم القاضي عياض. وقال ابن مالك: تنازع فيه الفعلان، وهما: فتح وأتوا، وأعمل الثاني. والمصران تثنية مصر، وأراد بهما: البصرة والكوفة. فإن قلت: هما من تمصير المسلمين، وبنيتا في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أما الكوفة فإنها بنيت سنة أربع عشرة وأما البصرة فكذلك مدينة إسلامية بنيت في أيام عمر ابن الخطاب في سنة سبع عشرة، وكيف يقال لما فتح هذان المصران؟ قلت: المراد بفتحهما غلبة المسلمين على مكان أرضهما، وبين البصرة والكوفة ثمانون فرسخا، وليس فيها مزدرع على المطر أصلا لكثرة أنهارها، والكوفة على ذراع من الفرات خارج جانبي الفرات وغربيها. قوله: (وهو جور)، بفتح الجيم وسكون الواو وفي آخره راء أي: ميل، والجور: الميل عن القصد. قوله: (فانظروا حذوها) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفتح الواو، بمعنى: الحذاء، والمعنى اعتبروا ما يقابل من الأرض التي تسلكونها من غير ميل فاجعلوها ميقاتا. قوله: (فحد لهم) أي: حد ذات عرق لهم أي لهؤلاء الذين سألوا.
ذكر ما يستفاد منه: احتج به طاووس وابن سيرين وجابر بن زيد على أن أهل العراق لا وقت لهم كوقت سائر البلدان، وإنما يهلون من الميقات الذي يأتون عليه من المواقيت المذكورة. وقال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على القول بظاهر حديث ابن عمر، واختلفوا فيما يفعل من مر بذات عرق، فثبت أن عمر، رضي الله تعالى عنه، وقته لأهل العراق ولا يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: والصحيح الذي عليه الإثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وقته على حسب ما علمه بالوحي من فتح البلدان والأقطار لأمته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها). وقال جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: إن ميقات أهل العراق ذات عرق، إلا أن الشافعي استحب أن يحرم العراقي من العقيق الذي بحذاء ذات عرق، وقال في (الأم): لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حد ذات عرق، وإنما أجمع عليه الناس، وهذا يدل على أن ميقات ذات عرق ليس منصوصا عليه. وبه قطع الغزالي والرافعي في (شرح المسند) والنووي في شرح مسلم وكذا وقع في المدونة لمالك رضي الله تعالى عنه قلت: صححت الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والراقعي في (الشرح الصغير) والنووي في (شرح المهذب): أنه منصوص عليه، واحتجوا على ذلك بما رواه الطحاوي: حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: حدثنا خالد بن يزيد وهشام بن بهرام المدائني، قالا: حدثنا المعافي بن عمران عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمن بلملم. وأخرجه النسائي: أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا هشام بن بهرام إلى آخره، وبحديث جابر أخرجه مسلم، وفيه: مهل أهل العراق ذات عرق، وأخرجه الطحاوي أيضا ولفظه: ولأهل العراق ذات عرق. وأخرج الطحاوي أيضا من حديث أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل البصرة ذات عرق، ولأهل المدائن العقيق. وأخرجه الطبراني أيضا، ثم قال الطحاوي: فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآثار من وقت أهل العراق، كما ثبت من وقت من سواهم. وقال ابن المنذر: اختلفوا في المكان الذي يحرم من أتى من العراق على ذات عرق، فكان أنس يحرم من العقيق، واستحب ذلك الشافعي، وكان مالك وإسحاق وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي يرون الإحرام من ذات عرق. وقال أبو بكر: الإحرام من ذات عرق يجزيء، وهو من العقيق أحوط. وقد كان الحسن بن صالح
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»