عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٥٠
مطابقته للترجمة في قوله: (اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات) قال الإسماعيلي: ليس في حديث الباب أن الخلوق كان على الثواب، كما في الترجمة، وإنما فيه أن الرجل ان متضمخا. وقوله له: (اغسل الطيب الذي بك) يوضح أن الطيب لم يكن في ثوبه، وإنما كان على بدنه، ولو كان على الجبة لكان في نزعها كفاية من جهة الإحرام. انتهى. قلت: قوله: ليس في حديث الباب أن الخلوق كان على الثوب، كما في الترجمة، غير مسلم، لأن في الحديث: وهو متضمخ بطيب، أعم من أن يكون على بدنه أو على ثوبه، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (اغسل الطيب الذي بك) أعم من أن يكون على بدنه أو على ثوبه، على أن الخلوق في العادة يكون في الثوب، والدليل على ما قلنا ما سيأتي في محرمات الإحرام من وجه آخر: بلفظ: عليه قميص فيه أثر صفرة، وروى أبو داود الطيالسي في (مسنده) عن شعبة عن قتادة عن عطاء بلفظ: رأى رجلا عليه جبة عليها أثر خلوق، وروى مسلم: حدثني إسحاق بن منصور قال: أخبرنا أبو علي عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا رباح بن أبي معروف، قال: سمعت عطاء، قال: أخبرني صفوان بن يعلى عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل عليه جبة بها أثر من خلوق، فقال: يا رسول الله إني أحرمت بعمرة، فكيف أفعل؟ فسكت عنه فلم يرجع إليه، وكان عمر، رضي الله تعالى عنه، يستره إذا نزل عليه الوحي، يظله، فقلت لعمر: إني أحب إذا نزل عليه الوحي أن أدخل رأسي معه في الثوب، فجئته فأدخلت رأسي معه في الثوب فنظرت إليه صلى الله عليه وسلم فلما سري عنه قال: أين السائل آنفا عن العمرة؟ فقام إليه الرجل، فقال: إنزع عنك جبتك واغسل أثر الخلوق الذي بك وافعل في عمرتك ما كنت فاعلا في حجك، وهذا ينادي بأعلى صوته أن أثر الخلوق كان على ثوب الرجل، ولم يكن على بدنه، وفي رواية أبي علي الطوسي: عليه جبة فيها ردع من زعفران... الحديث، وروى البيهقي من حديث أبي داود الطيالسي: حدثنا شعبة عن قتادة عن عطاء عن يعلى مرفوعا: رأى رجلا عليه جبة عليها أثر خلوق أو صفرة فقال: إخلعها عنك واجعل في عمرتك ما تجعل في حجك . قال قتادة: فقلت لعطاء: كنا نسمع أنه قال: شقها، قال: هذا فساد، والله لا يحب الفساد. وعند أبي داود: فأمره أن ينزعها نزعا ويغسلها مرتين أو ثلاثا. وعنده: فخلعها من رأسه، وقال سعيد بن منصور: حدثنا هشيم أخبرنا عبد الملك ومنصور وغيرهما عن عطاء عن يعلى بن أمية أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أحرمت وعلي جبتي هذه، وعلى جبته درع من خلوق... الحديث، وفيه: فقال: إخلع هذه الجبة واغسل هذا الزعفران، فهذه الأحاديث كلها ترد على الإسماعيلي أن الطيب لم يكن على ثوبه، وإنما كان على بدنه، فإن قلت: سلمنا هذا كله، وكيف توجد المطابقة بين الحديث والترجمة وفيها لفظ الخلوق وليس في حديث الباب إلا لفظ الطيب؟ قلت: جرت عادة البخاري أن يبوب بما يقع في بعض طرق الحديث الذي يورده، وإن لم يخرجه وهو أبواب العمرة بلفظ: وعليه أثر الخلوق، على أن الخلوق ضرب من الطيب كما ذكرنا.
ذكر رجاله: وهم: خمسة: الأول: أبو عاصم النبيل، واسمه الضحاك بن مخلد وهو من شيوخ البخاري من أفراده، وهذا بصورة التعليق، وبذلك جزم الإسماعيلي فقال: ذكره عن أبي عاصم بلا خبر. وقال أبو نعيم: ذكره بلا روية، وقال الكرماني: وفي بعض النسخ العراقية: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو عاصم. فهو إما محمد بن المثنى المعروف بالزمن، وإما محمد ابن معمر البحراني، وإما محمد بن بشار، بإعجام الشين. الثاني: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وقد تكرر ذكره. الثالث: عطاء بن أبي رباح كذلك. الرابع: صفوان بن يعلى بن أمية، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى له الجماعة سوى ابن ماجة. الخامس: أبوه يعلى بن أمية بن أبي عبيدة التميمي أبو خلف، وأبو خالد أو أبو صفوان، وهو المعروف بيعلى بن منية، بضم الميم وسكون النون وفتح الياء آخر الحروف، ويقال: منية جدته وهي: منية بنت غزوان أخت عتبة بنت غزوان، ويقال: منية بنت جابر، أسلم يوم الفتح وشهد الطائف وحنينا وتبوك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عنه وعن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، تسعة عشر حديثا، قتل بصفين.
ذكر لطائف إسناده: فيه: قال أبو عاصم، وهو تعليق. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضع وبصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن أبا عاصم بصري والبقية مكيون، وهذا الإسناد منقطع لأنه قال: إن يعلى قال لعمر، ولم يقل إن يعلى أخبره أنه قال لعمر، اللهم إلا إذا كان صفوان حضر مراجعتهما، فيكون متصلا. وقال ابن عساكر: رواه عباس بن الوليد النرسي عن داود العطار عن ابن جريج عن عطاء عن يعلى بن أمية، أو صفوان بن يعلى بن أمية: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»