عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٩٩
أخرجه هناك، فقال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة، قال: أنبأنا أبو إسحاق، قال: سمعت حارثة بن وهب، قال: (صلى بنا النبي، صلى الله عليه وسلم، آمن ما كان بمنى ركعتين). وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني المشهور بالسبيعي الكوفي، وحارثة، بالحاء المهملة وبالراء والثاء المثلثة، والخزاعي، بضم الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وبالعين المهملة: نسبة إلى خزاعة حي من الأزد. قوله: (ونحن ما كنا أكثر)، جملة وقعت حالا، فقوله: نحن، مبتدأ وكلمة: ما، نافية خبره، وقوله: (أكثر) منصور على أنه خبر كان، وكلمة: قط، متعلقة بمحذوف، والتقدير: ونحن ما كنا قط في وقت أكثر منا في ذلك الوقت ولا آمن منا فيه، ويجوز أن تكون: ما، مصدرية ومعناه الجمع، لأن ما أضيف إليه أفعل يكون جمعا، قوله: (وآمنه) عطف على أكثر، والضمير فيه يرجع إلى: ما، والتقدير: صلى بنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والحال أنا أكثر أكواننا في سائر الأوقات عددا وأكثر أكواننا في سائر الأوقات أمنا. وإسناد الأمن إلى الأوقات مجاز، قيل: وعلى هذا كما قلنا: قط، متعلق بمحذوف، لأن: قط، يختص بالماضي المنفي، ولا منفي ههنا، تقديره: ما كنا أكثر من ذلك ولا آمنه قط. قلت: قال ابن مالك: استعمال قط غير مسبوقة بالنفي مما خفي على كثير من النحويين، وقد جاء في هذا الحديث بدونه، وله نظائر، وقيل: إنه بمعنى: أبدا، على سبيل المجاز، وقال الكرماني: قوله: (وآمنه)، بالرفع ويجوز النصب بأن يكون فعلا ماضيا وفاعله الله تعالى. قلت: فحينئذ يكون ضمير المفعول هو النبي صلى الله عليه وسلم، والتقدير: وآمن الله تعالى نبيه، صلى الله عليه وسلم، حينئذ. وقال الطيبي: هذا على أن يكون: أكثر، خبر كان، إذ لا يستقيم أن يعطف: وأمنه، على: أكثر، وهو متعسف جدا. قوله: (بمنى) أي: في منى، والعامل فيه قوله: صلى.
7561 حدثنا قبيصة بن عقبة قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمان ابن يزيد عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ومع أبي بكر رضي الله تعالى عنه ركعتين ومع عمر رضي الله تعالى عنه ركعتين ثم تفرقت بكم الطرق فيا ليت حظي من أربع ركعتان متقلبتان.
(انظر الحديث 4801).
أخرجه في الباب المذكور عن قتيبة بن سعيد عن عبد الواحد بن زياد عن الأعمش إلى آخره، فانظر إلى التفاوت بينهما في المتن والإسناد، ولكن الحاصل واحد.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، وسفيان هو الثوري، وإبراهيم هو النخعي، و عبد الرحمن ابن يزيد بن قيس أخو الأسود، رضي الله تعالى عنه، الكوفي النخعي، مات في الجماجم سنة ثلاث وثمانين، و عبد الله هو ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه.
قوله: (ثم تفرقت بكم الطرق)، يعني: اختلفتم في قصر الصلاة وإتمامها، فمنكم من يقصر ومنكم من لا يقصر. قوله: (فيا ليت حظي من أربع) أي: فيا ليت نصيبي الذي يحصل لي من أربع ركعات، ركعتان يقبلهما الله تعالى. قوله: (ركعتان) في كثير من النسخ: ركعتين، وهو على مذهب الفراء، فإنه جوز نصب خبر: ليت، كاسمه. وأما وجه: ركعتان، بالرفع فهو الأصل، لأنه خبر: ليت، وخبره مرفوع. وقال الداودي: خشي ابن مسعود أن لا تجزىء الأربع فاعلها، وتبع عثمان كراهة لخلافه، وأخبر بما يعتقده. وقيل: يريد أنه لو صلى أربعا فيا ليتها تقبل كما تقبل الركعتان. وقال الكرماني: قالوا: غرضه ليت عثمان، رضي الله تعالى عنه، صلى ركعتين بدل الأربع، كما كان النبي، صلى الله عليه وسلم، وصاحباه يفعلونه. وقيل: معناه أنا أتم متابعة لعثمان، رضي الله تعالى عنه، وليت الله قبل مني من الأربع ركعتين.
وفيه: كراهة مخالفة ما كانوا عليه، وبقية المباحث تقدمت هناك.
58 ((باب صوم يوم عرفة)) أي: هذا باب في بيان الصوم في يوم عرفة، ولم يبين حكمه لمكان الاختلاف فيه.
8561 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان عن الزهري قال حدثنا سالم قال
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»