عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٥٧
الطلاق أيضا عن عبد الله بن محمد، وأخرجه الترمذي في الحج، والنسائي أيضا كلاهما عن بشر بن هلال. قوله: (أشار إليه) أي: بالمحجن الذي في يده، وإن لم يكن في يده شيء يشير إليه بيده. فإن قلت: هذا الحديث صريح بجواز الطواف على البعير، وهل يجوز على الخيل فيقاس على البعير أم لا. قلت: قد ورد عن عمر، رضي الله تعالى عنه، منع الطواف على الخيل فيما رواه سعيد بن منصور عن عمرو بن دينار، قال: طاف رجل على فرس فمنعوه، وقال: أتمنعوني أن أطوف على كوكب؟ قال: فكتب بذلك إلى عمر، فكتب عمر: أن امنعوه، وهذا منقطع. قال المحب الطبري: ولعل المنع في الخيل من الخيلاء والتعاظم. قلت: فعلى هذا لا يمنع من الطواف على الحمار، اللهم إلا إذا كان المنع من جهة الخوف من تلويثه بما يخرج منه.
26 ((باب التكبير عند الركن)) أي: هذا باب في بيان استحباب التكبير عند الركن أي: الحجر الأسود.
3161 حدثنا مسدد قال حدثنا خالد بن عبد الله قال حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر.
.
هذا طريق آخر في حديث عبد الله بن عباس، أخرجه عن مسدد عن خالد بن عبد الله الطحان عن خالد بن مهران الحذاء، وفيه زيادة على حديثه الماضي في الباب السابق، وهي قوله: (بشيء كان عند فكبر) فدل هذا على استحباب التكبير عند الركن الأسود في كل طوفة.
تابعه إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء أي: تابع خالد بن عبد الله الطحان إبراهيم بن طهمان الهروي أبو سعيد عن خالد الحذاء في التكبير، وقد وصله البخاري في كتاب الطلاق.
36 ((باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلى ركعتين ثم خرج إلى الصفا)) أي: هذا باب يذكر فيه بيان من طاف بالبيت... إلى آخره، وكلمة: من، موصولة، ومراده بهذه الترجمة بيان أن: من قدم مكة حاجا أو معتمرا أن يطوف بالبيت ثم يصلي ركعتين، ثم يخرج إلى الصفا ويسعى بينه وبين المروة، فإن كان معتمرا حل وحلق، وإن كان حاجا ثبت على إحرامه حتى يخرج إلى منى يوم التروية لعمل الحج، وقال ابن بطال: غرضه بهذه الترجمة الرد على من زعم أن المعتمر إذا طاف حل قبل أن يسعى بين الصفا والمروة. قلت: مذهب ابن عباس: أن المعتمر يحل من عمرته بالطواف بالبيت، ولا يحتاج إلى السعي بين الصفا والمروة، وروي عنه أنه قال: العمرة الطواف، وبه قال ابن راهويه، فأراد البخاري رد هذا القول، وبين أن العمرة هي الطواف بالبيت وصلاة ركعتين بعده، ثم الخروج إلى الصفا للسعي بينه وبين المروة، وأشار بقوله: (من طاف بالبيت) إلى آخره أن صورة العمرة هي هذا، وبينها بثلاثة أشياء: أولها: هو قوله: (من طاف بالبيت إذا قدم مكة)، فعلم من هذا أن من قدم مكة ودخل المسجد لا يشتغل بشيء، بل يبدأ بالطواف ويقصد الحجر الأسود، وهو تحية المسجد الحرام، ثم الابتداء بالطواف مستحب لكل أحد سواء كان محرما أو غيره، إلا إذا خاف فوت الصلاة المكتوبة عن وقتها، أو فوتها مع الجماعة، وإن كان الوقت واسعا أو كان عليه مكتوبة فائتة، فإنه يقدم هذا كله على الطواف، ثم هذا الطواف يسمى طواف القدوم، وهو سنة، فلو تركه صح حجه ولا شيء عليه إلا فوت الفضيلة. وفي (شرح المهذب): هذا هو المذهب، وذكر جماعة من الخراسانيين وغيرهم وجوبه في وجه ضعيف شاذ، ويلزم بتركه دم . الثاني: هو قوله: (ثم صلى ركعتين)، لما في حديث جابر الطويل: (لما فرغ من ركعتي الطواف رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا والسعي بينهما). الثالث: هو قوله: (ثم خرج إلى الصفا) يعني للسعي بينه وبين المروة.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»