إلا ظالم، وهو الآن في يد بني شيبة، مات سنة تسع وخمسين. السابع: قبيصة بن عقبة أبو عامر السوائي. الثامن: عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ستة مواضع. وفيه: القول في خمسة مواضع. وفيه: أن شيخه في الطريق الأول من أفراده، وقدمه مع أنه نازل لتصريح سفيان فيه بالتحديث، وأنه بصري. وفيه: أن خالدا أيضا من أفراده، وأنه أيضا بصري وسفيان وواصل وأبو وائل كوفيون، وفي الطريق الثاني شيخه قبيصة وهو أيضا من أفراده، وهو كوفي. وفيه: صحابيان شيبة وعمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهما. وهذا الحديث جعله الحميدي وأبو مسعود الدمشقي وقبلهما الطبراني في مسند شيبة، وذكره المزي أيضا في مسند شيبة، وذكره غيرهم في مسند عمر، رضي الله تعالى عنه.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام عن عمرو بن العباس. وأخرجه أبو داود في الحج عن أحمد بن حنبل. وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة.
ذكر معناه: قوله: (على الكرسي)، الكرسي واحد الكراسي، وربما قالوا: كرسي بكسر الكاف، قاله الجوهري. وقال الزمخشري: الكرسي: ما يجلس عليه ولا يفضل عن القاعد، وليست الياء فيه للنسبة، وإنما هو موضوع على هيئة النسبة كما في زفني وقلطي وبختي وبردي. قوله: (أن لا أدع) أي: أن لا أترك. قوله: (فيها) أي: في الكعبة. قوله: (صفراء ولا بيضاء) أي: ذهبا ولا فضة، قال القرطبي: غلط من ظن أن المراد بذلك حلية الكعبة، وإنما أراد الكنز الذي بها، وهو ما كان يهدى إليها فيدخر ما يزيد عن الحاجة. وأما الحلي فمحبسة عليها كالقناديل، فلا يجوز صرفها إلى غيرها. وقال ابن الجوزي: كانوا في الجاهلية يهدون إلى الكعبة تعظيما لها فيجتمع فيها. قوله: (إلا قسمته)، ذكر الضمير باعتبار المال، وفي رواية عمرو بن شيبة في (كتاب مكة): عن قبيصة شيخ البخاري فيه: (إلا قسمتها)، وفي رواية عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عند البخاري في الاعتصام (إلا قسمتها بين المسلمين). وعند الإسماعيلي من هذا الوجه: (لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين). قوله: (قلت: إن صاحبيك لم يفعلا). القائل هو شيبة، وأراد بالصاحبين، النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، رضي الله تعالى عنه، وفي رواية عبد الرحمن ابن مهدي: (قلت: ما أنت بفاعل! قال: لم؟ قلت: لم يفعله صاحباك). وفي رواية الإسماعيلي من هذا الوجه، (قال: ولم ذاك؟ قلت: لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد رأى مكانه وأبو بكر، وهما أحوج منك إلى المال، فلم يحركاه). قوله: (قال: هما المرآن) أي: قال عمر، رضي الله تعالى عنه: هما أي: النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، رضي الله تعالى عنه، مرآن يعني: رجلين كاملين في المروءة. قوله: (أقتدي بهما) أي: بالمرأين المذكورين، وهما النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، رضي الله تعالى عنه، ومعناه لا أفعل ما لم يفعلا، ولا أتعرض لما لم يتعرضا، وبمثل هذه القضية وقع بين أبي بن كعب وعمر، رضي الله تعالى عنهما، وروى عبد الرزاق من طريق الحسن (عن عمر: أراد أن يأخذ كنز الكعبة فينفقه في سبيل الله، فقال له أبي بن كعب: قد سبقك صاحباك، فلو كان فضلا لفعلا). وفي لفظ: (فقال له أبي بن كعب: والله ما ذاك لك؟ قال: ولم؟ قال: أقره رسول الله، صلى الله عليه وسلم). وقال ابن بطال: أراد عمر لكثرته إنفاقه في سبيل الله وفي منافع المسلمين، ثم لما ذكر بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يتعرض له أمسك.
ذكر ما يستفاد منه فيه: التنبيه على مشروعية الكسوة. وفيه: ما يدل من قول عمر أن صرف المال في الفقراء والمساكين آكد من صرفه في كسوة الكعبة، لكن الكسوة في هذه الأمة أهم، لأن الأمور المتقادمة تتأكد حرمتها في النفوس، وقد صار ترك الكسوة في العرف عضا في الإسلام، وإضعافا لقلوب المسلمين. وقال ابن بطال: ما جعل في الكعبة وسبل لها يجري مجرى الأوقاف، فلا يجوز تغييره من وجهه، وفي ذلك تعظيم الإسلام، وترهيب للعدو. وفي (شرح التهذيب): قال صاحب (التلخيص): لا يجوز بيع أستار الكعبة المشرفة، وكذا قال أبو الفضل بن عبد، لأنه لا يجوز قطع أستارها ولا قطع شيء من ذلك، ولا يجوز نقله، ولا بيعه ولا شراؤه. قال: ومن عمل شيئا من ذلك كما يفعله العامة، يشترونه من بني شيبة، لزمه رده ووافقه على ذلك الرافعي، وقال ابن الصلاح: الأمر فيها إلى الإمام يصرفه في مصارف بيت المال بيعا وعطاء، واحتج بما ذكره الأزرقي: أن عمر كان ينزع كسوة البيت كل سنة، فيقسمها على الحاج، وعند الأزرقي عن ابن عباس وعائشة، أنهما قالا: ولا بأس أن يلبس كسوتها من صارت