عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٣٦
أراد البخاري بالأول من تقدم ذكرهم قبل شعبة، وإنما قال: أكثر، لاتفاق أولئك على اللفظ المذكور، وانفراد شعبة بما يخالفهم، وإنما قال ذلك لأن ظاهرهما التعارض، لأن الأول يدل على أن البيت يحج بعد أشراط الساعة. والثاني: يدل على أنه لا يحج، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال: لا يلزم من حج الناس بعد خروج يأجوج ومأجوج أن يمتنع الحج في وقت ما عند قرب ظهور الساعة، والذي يظهر، والله أعلم، أن يكون المراد بقوله: (ليحجن البيت) أي: مكان البيت، ويدل على ذلك ما روي أن الحبشة إذا خربوه لم يعمر بعد ذلك على ما يأتي، إن شاء الله تعالى، وقال التيمي: قال البخاري: والأول أكثر، يعني: البيت يحج إلى يوم القيامة.
سمع قتادة عبد الله وعبد الله أبا سعيد وفي بعض النسخ قال أبو عبد الله أي: البخاري نفسه، سمع قتادة عبد الله بن أبي عتية المذكور في سند الحديث المذكور، وأشار بهذا إلى أن قتادة لما كان مدلسا صرح بأن عنعنته مقرونة بالسماع. قوله: (وعبد الله) أي: سمع عبد الله بن أبي عتبة أبا سعيد الخدري.
84 ((باب كسوة الكعبة)) أي: هذا باب في بيان حكم التصوف في كسوة الكعبة.
4951 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا سفيان قال حدثنا واصل الأحدب عن أبي وائل قال جئت إلي شيبة (ح) وحدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن واصل عن أبي وائل قال جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس هاذا المجلس عمر رضي الله تعالى عنه فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته قلت أن صاحبيك لم يفعلا قال هما المرآن أقتدي بهما.
(الحديث 4951 طرفه في: 5727).
مطابقته للترجمة من وجوه:
الأول: أنه معلوم أن الملوك في كل زمان كانوا يتفاخرون بكسوة الكعبة برفيع الثياب المنسوجة بالذهب وغيره، كما يتفاخرون بتسبيل الأموال لها، فأراد البخاري أن عمر بن الخطاب لما رأى قسمة الذهب والفضة صوابا، كان حكم الكسوة حكم المال يجوز قسمتها، بل ما فضل من كسوتها أولى بالقسمة.
الثاني: أنه يحتمل أن يكون مقصود البخاري التنبيه على أن كسوة الكعبة مشروعة، والحجة فيها أنها لم تزل تقصد بالمال فيوضع فيها على معنى الزينة إعظاما لها، فالكسوة من هذا القبيل.
الثالث: أنه يحتمل أن يكون أراد ما في بعض طرق الحديث كعادته، ويكون هناك طريق موافقة للترجمة وتركه إياه إما لخلل شرطه وإما لتبحر الناظر فيه.
الرابع: أنه يحتمل أن يكون أخذه من قول عمر، رضي الله تعالى عنه، لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة، فالمال يطلق على كل ما يتمول به، فيدخل فيه الكسوة.
الخامس: أنه لعل الكعبة كانت مكسوة وقت جلوس عمر، رضي الله تعالى عنه، فحيث لم ينكره وقررها دل على جوازها، والترجمة يحتمل أن يقال فيها: باب في مشروعية الكسوة كما ذكرنا.
السادس: أنه يحتمل أن يكون الحديث مختصرا طوى فيه ذكر الكسوة.
فمن هذه الوجوه يتوجه الرد على الإسماعيلي في قوله: ليس في حديث الباب لكسوة الكعبة ذكر، يعني فلا يطابق الترجمة.
ذكر رجاله: وهم: ثمانية: الأول: عبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي. الثاني: خالد بن الحارث أبو عبد الله الحجبي. الثالث: سفيان الثوري في الطريقين. الرابع: وأصل بن حيان الأحدب الأسدي. الخامس: أبو وائل شقيق ابن سلمة. السادس: شيبة بن عثمان الحجبي، بالحاء المهملة والجيم المفتوحتين، العبدري، أسلم يوم الفتح وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم له ولابن عمه عثمان بن طلحة مفتاح الكعبة، وقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة إلى يوم القيامة، لا يأخذ منكم
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»