عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٥١
عن أبيه، ورواه قيس عن عطاء عن صفوان عن أبيه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة قد أهل بالعمرة هو مصفر لجبته ورأسه وعليه جبة، وفي رواية همام عن عطاء عن صفوان عن أبيه... الحديث، وفيه: جبة عليها خلوق أو أثر صفرة.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا عن أبي الوليد في فضائل القرآن عن أبي نعيم وفي المغازي عن يعقوب بن إبراهيم وفي فضائل القرآن أيضا عن مسدد، وأخرجه مسلم في الحج عن شيبان بن فروخ، وعن زهير ابن حرب وعن عبد بن حميد وعن علي بن حشرم وعن محمد بن يحيى وعن إسحاق بن منصور وعن عقبة بن مكرم ومحمد بن رافع. وأخرجه أبو داود فيه عن عقبة بن مكرم وعن محمد بن كثير وعن محمد بن عيسى وعن يزيد بن خالد. وأخرجه الترمذي فيه عن أبي عمر به. وأخرجه النسائي فيه وفي فضائل القرآن عن روح بن حبيب وعن حبيب وعن محمد بن منصور وعبد الجبار وعن محمد بن إسماعيل وعن عيسى بن حماد.
ذكر معناه: قوله: أرني) من الإراءة، يقتضي مفعولين أحدهما هو نون المتكلم، والآخر هو قوله: النبي. قوله: (بينما النبي) قد مر غير مرة أن أصل: بينما، بين زيدت فيه الميم والألف، وهو ظرف زمان بمعنى المفاجأة، وكذلك: بينا، بدون الميم ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل أو مبتدأ أو خبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، وهنا الجملة مبتدأ وخبر، وهما قوله: (النبي بالجعرانة)، وقوله: (جاء رجل) جوابه، و: الجعرانة، بكسر الجيم والعين المهملة وتشديد الراء، قال البكري: كذا يقول العراقيون، ومنهم من يخفف الراء ويسكن العين، وكذا الخلاف في الحديبية، وهما بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أدنى. وقال ابن الأثير: وهي قريب من مكة، وهي في الحل وميقات الإحرام. وقال ياقوت: هي غير الجعرانة التي بأرض العراق. قال سيف بن عمر: نزلها المسلمون لقتال الفرس، وقال يوسف بن ماهك. اعتمر بها ثلاثمائة نبي، عليهم الصلاة والسلام، يعني: بالجعرانة التي بقرب مكة. قوله: (ومعه نفر من أصحابه) الواو فيه للحال، أي: مع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه وكان هذا بالجعرانة كما ثبت هنا، وفي غيره: في منصرفه صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، وفي ذلك الموضع قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمها، وذلك في سنة ثمان كما ذكره ابن حزم وغيره، وهما موضعان متقاربان. قوله: (جاءه رجل) وفي لفظ للبخاري سيأتي: جاءه أعرابي، ولم يعرف اسمه. ونقل بعضهم في (الذيل) عن (تفسير الطرطوشي): أن اسمه عطاء بن منبه. فقال: إن ثبت هذا فهو أخو يعلى راوي الخبر، قيل: يجوز أن يكون خطأ من اسم الراوي، فإنه من رواية عطاء عن صفوان بن يعلى بن منبه عن أبيه، ومنهم من لم يذكر بين عطاء ويعلى أحدا. وقال صاحب (التوضيح): هذا الرجل يحوز أن يكون: عمرو بن سواد، إذ في (كتاب الشفاء) للقاضي عياض، عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا متخلق)، فقال: ورس ورس حط حط، وغشيني بقضيب بيده في بطني فأوجعني... الحديث. لكن عمرو هذا لا يدرك ذا، فإنه صاحب ابن وهب، انتهى. واعترض بعض تلامذته عليه من وجهين: أما أولا: فليست هذه القضية شبيهة بهذه القضية حتى يفسر صاحبها بها، وأما ثانيا: ففي الاستدراك غفلة عظيمة، لأن من يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لا يتخيل فيه أنه صاحب ابن وهب وصاحب مالك، بل إن ثبت فهو آخر وافق اسمه اسمه، واسم أبيه، والغرض أنه لم يثبت. قال: لأنه انقلب على شيخنا، وإنما الذي في (الشفاء): سواد بن عمرو. انتهى. قلت: رأيت بخط بعض من أخذ عنه هذا المعترض، على هامش الورقة التي في هذا الموضع من (كتاب التوضيح)، قال: فائدة الذي في الشفاء سواد بن عمرو، وذكره في الباب الثاني من القسم الثالث، ولفظه: وأما حديث سواد بن عمرو: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا متخلق، فقال: ورس ورس حط حط وغشيني بقضيب في يده فأوجعني، فقلت: القصاص يا رسول الله، فكشف لي عن بطنه، إنما ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لمنكر رآه، ولعله لم يرد بضربه بالقضيب إلا تنبيهه، فلما كان منه إيجاع لم يقصده طلب التحلل منه، ولما ذكر هذا أنكر عليه ونسبه إلى التخبط وإلى كلام لا معنى له. قوله: (وهو متضمخ بطيب)، الواو فيه للحال، ومتضمخ، بالضاد والحاء المعجمتين، يقال: تضمخ بالطيب إذا تلطخ به وتلوث به. قوله: (وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، الواو فيه للحال. قوله: (قد أظل به)، بضم الهمزة وكسر الظاء المعجمة، أي: جعل عليه كالظلة، وهذه الجملة حالية، ويجوز أن تكون محلها الرفع على أنه صفة لثوب. قوله: (فإذا رسول الله) كلمة: إذا، للمفاجأة. قوله: (وهو يغظ). الواو فيه للحال، ويغط بفتح الياء وكسر الغين المعجمة بعدها طاء مهملة،
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»