ثلاثة مواضع. وفيه: عن هلال، وفي رواية محمد بن سنان الآتية عن قريب: حدثنا هلال. وفيه: أن شيخه بخاري وأنه من أفراده وأبو عامر بصري وفليح وهلال مدنيان. وفيه: اثنان أحدهما مذكور بكنيته والآخر بلقبه.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الجنائز عن محمد بن سنان. وأخرجه الترمذي في الشمائل.
ذكر معناه: قوله: (بنتا للنبي صلى الله عليه وسلم) هي: أم كلثوم، زوج عثمان، رضي الله تعالى عنه، رواه الواقدي عن فليح بن سليمان بهذا الإسناد. أخرجه ابن سعد في (الطبقات) في ترجمة أم كلثوم، وكذا ذكره الدولابي والطبري والطحاوي، وكانت وفاتها سنة تسع، ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فسماها: رقية. أخرجه البخاري في (التاريخ الأوسط) والحاكم في (مستدركه) قال البخاري: ما أدري ما هذا؟ فإن رقية ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر لم يشهدها. قيل: حماد وهم في تسميتها فقط، وأغرب الخطابي، فقال: هذه البنت كانت لبعض بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسبت إليه. قوله: (ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، جالس) جملة اسمية وقعت حالا. قوله: (على القبر)، أي: على جانب القبر وهو الظاهر. قوله: (تدمعان)، بفتح الميم، قال ابن التين: المشهور في اللغة أن ماضيه: دمع، بفتح الميم، فيجوز في مستقبله تثليث الميم، وذكر أبو عبيد لغة أخرى أن ماضيه مكسور العين فتعين الفتح في المستقبل. قوله: (لم يقارف)، من المقارفة بالقاف والفاء، قال الخطابي: معناه لم يذنب، وقيل: لم يجامع أهله، وحكي عن الطحاوي أنه قال: لم يقارف تصحيف، والصواب: لم يقاول، أي: لم ينازع غيره الكلام، لأنهم كانوا يكرهون الحديث بعد العشاء. وقال الكرماني: فإن قلت: ما الحكمة فيه إذا فسرت المقارفة بالمجامعة؟ قلت: لعلها هي أنه لما كان النزول في القبر لمعالجة أمر النساء لم يرد أن يكون النازل فيه قريب العهد بمخالطة النساء لتكون نفسه مطمئنة ساكنة كالناسية للشهوة، ويقال: إن عثمان في تلك الليلة باشر جارية له، فعلم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بذلك، فلم يعجبه حيث شغل عن المريضة المحتضرة بها. وهي أم كلثوم زوجته بنت الرسول، صلى الله عليه وسلم، فأراد أنه لا ينزل في قبرها معاتبة عليه، فكنى به عنه. قوله: (قال أبو طلحة)، واسمه زيد بن سهل الأنصاري الخزرجي، شهد المشاهد وقال، صلى الله عليه وسلم: (لصوت أبي طلحة في الجيش خير من مائة رجل)، وقتل يوم حنين عشرين رجلا، وأخذ أسلابهم وكان يحثو بين يدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الحرب، ويقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك اللقاء، ثم ينثر كنانته بين يديه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرفع رأسه من خلفه ليرى مواقع النبل، فكان يتطاول بصدره ليقي به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مر في: باب ما يذكر في الفخد. قوله: (قال) أي: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأبي طلحة: (فانزل) قيل: إنما عينه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك كان صنعته. قال بعضهم، فيه نظر، فإن ظاهر السياق أنه، صلى الله عليه وسلم، اختاره لذلك لكونه لم يقع منه في تلك الليلة جماع. قلت: في نظره نظر لأنه كان هناك جماعة، بدليل قول أنس، رضي الله تعالى عنه: شهدنا بنتا للنبي، صلى الله عليه وسلم، وعدم وقوع الجماع من أبي طلحة في تلك الليلة لا يستلزم أن يكون مختصا به حتى يختار لذلك، بل الظاهر إنما اختاره لمباشرته بذلك وخبرته به، وفي (الاستيعاب) في ترجمته، أم كلثوم: استأذن أبو طلحة أن ينزل في قبرها فأذن له.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: جواز البكاء، كما ترجم به بقوله: وما يرخص من البكاء في غير نوح. وفيه: إدخال الرجال المرأة في قبرها لكونهم أقوى على ذلك من النساء. وفيه: إيثار البعيد العهد عن الملاذ في مواراة الميت، ولو كان امرأة، على الأب والزوج. وفيه: جواز الجلوس على جانب القبر، واستدل ابن التين بقوله: (ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، جالس على القبر)، وهو قول مالك وزيد بن ثابت، وعلي، رضي الله تعالى عنهم. وقال ابن مسعود وعطاء: لا يجلس عليه، وبه قال الشافعي والجمهور لقوله، صلى الله عليه وسلم: (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)، أخرجه مسلم، وظاهر إراد المحاملي وغيره أنه حرام، ونقله النووي في (شرح مسلم) عن الأصحاب، وتأول مالك وخارجة بن زيد على الجلوس لقضاء الحاجة، وهو بعيد. وفي (التوضيح): لا يوطأ أحدكم إلا الضرورة، ويكره أيضا الاستناد إليه احتراما. وقال: لو تولى النساء شأنها في القبر فحسن، نص عليه في (الأم).