امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا حجابا من النار قالت امرأة واثنان قال واثنان.
(أنظر الحديث 101).
مطابقته للترجمة مثل الوجه الذي ذكرناه في الحديث السابق.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: مسلم بن إبراهيم الأزدي القصاب وقد مر غير مرة. الثاني: شعبة بن الحجاج. الثالث: عبد الرحمن بن الأصبهاني واسم الأصبهاني عبد الله ويروى عبد الرحمن الأصبهاني بدون لفظة ابن، والأصبهاني بكسر الهمزة وفتحها وبالفاء وبالباء الموحدة أربع لغات قاله الكرماني. قلت: بالباء الموحدة في لسان العجم، وبالفاء في استعمال العرب. الرابع: ذكوان هو أبو صالح السمان. الخامس: أبو سعيد الخدري واسمه: سعد بن مالك.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: حدثنا عبد الرحمن وفي رواية الأصيلي أخبرنا. وفيه: أن شيخه بصري. وشعبة واسطي وعبد الرحمن كوفي وأصله من أصبهان وكان أبوه يتجر إلى أصبهان فقيل له الأصبهاني وذكوان مدني.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري في مواضع قد ذكرناها في كتاب العلم في: باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، وهناك أخرجه عن آدم عن شعبة إلى آخره نحوه مع زيادة فيه. وأخرجه مسلم والنسائي أيضا.
ذكر معناه: قوله: (أن النساء قلن) وفي رواية مسلم (أنهن كن من نساء الأنصار). قوله: (فوعظهن)، عطف على مقدر تقديره، فجعل لهن يوما فوعظهن فيه ومن جملة ما قال لهن قوله: (أيما امرأة) قوله: (ثلاث من الولد) في رواية أبي ذر، هكذا وفي رواية غيرة (ثلاثة) وقد مر توجيهه عن قريب. وقوله (ولد) يتناول الذكر والأنثى والمفرد والجمع. قوله: (كن) هكذا رواية الحموي والمستملي، وكأنه أنث باعتبار النفس أو النسمة وفي رواية غيرهما. (كانوا)، وفي رواية أبي الوقت (كانوا لها حجابا) وقال الكرماني: القياس: كانوا، ولكن الأطفال كالنساء في كونهم غير عاقلين، أو المراد كانت النساء محجوبات. قلت: تشبيههم بالنساء هكذا غير موجه لأن النساء عاقلات، غير أن في عقولهن قصورا. قوله: (فقالت امرأة)، هي أم سليم الأنصارية والدة أنس بن مالك، رواه الطبراني عنها بإسناد جيد. (قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم، فقلت: واثنان قال: واثنان. وممن سأل عن ذلك أم أيمن، وقد تقدم في حديث جابر بن سمرة، ومنهن أم مبشر، مضى من حديث جابر بن عبد الله، وفي حديث ابن عباس أن عائشة منهن، وحكى ابن بشكوال أن أم هانىء سألت عن ذلك. فإن قلت: سؤالهن كان في مجلس واحد أو في مجالس؟ قلت: يحتمل كلا منهما. وقال بعضهم في تعدد القصة بعد. قلت: الأقرب تعدد القصة ألا ترى أنه قد تقدم في حديث جابر بن عبد الله أنه: ممن سأل عن ذلك أيضا... وقد مضى في حديث بريدة أن عمر سأل عن ذلك أيضا، فظهر من ذلك أن اتحاد المجلس فيه بعد ظاهر، فافهم. قوله: (واثنان) عطف على ثلاثة ومثله يسمى بالعطف التلقيني أي: قل يا رسول الله: واثنان، ونظيره قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: * (ومن ذريتي) * (إبراهيم: 04). وقال بعضهم: واثنان، أي: وإذا مات اثنان ما الحكم؟ فقال: واثنان. أي: وإذا مات اثنان فالحكم كذلك؟ قلت: فيه كثرة الحذف المخلة بالفصاحة، وفي رواية مسلم من هذا الوجه: واثنين، بالنصب أي: وما أمر اثنين؟ وفي رواية سهيل: أو اثنان؟ أي: أو إن وجد اثنان فكالثلاثة، وفيه التسوية بين ثلاثة واثنين. فإن قلت: كيف قال في الحال: واثنان؟ قلت: قال ابن بطال: هو محمول على أنه أوحي إليه بذلك في الحال، ولا يبعد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين، ويحتمل أن يكون كان العلم عنده حاصلا لكنه أشفق عليهم أن يتكلموا، لأن موت الاثنين غالبا أكثر من موت الثلاثة، ثم لما سئل عن ذلك لم يكن بد من الجواب.
ومما يستفاد منه: ما قاله ابن التين تبعا للقاضي عياض: أن مفهوم العدد ليس بحجة، لأن الصحابية من أهل اللسان ولم تعتبره إذ لو اعتبرته لانتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة، لكنها جوزت ذلك فسألت، وقال بعضهم: الظاهر أنها اعتبرت مفهوم العدد إذ لو لم تعتبره لم تسأل. قلت: دلالة مفهوم العدد بطريق الاحتمال لا بطريق القطع، فلذلك وقع السؤال عن ذلك. فإن قلت: لم خصت الثلاثة بالذكر؟ لأنها أول مراتب الكثرة فتعظم المصيبة فيكثر الأجر، فإذا زاد عليها يخف أمرها لكونها تصير