عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٢٩١
بقوله: غير مفسدة، وإفسادها إنما يكون بغير إذن الزوج أو بما يؤلم زوجها خارجا عن العادة على ما نقرره عن قريب، إن شاء الله تعالى.
ذكر رجاله: وهم ستة، كلهم قد ذكروا غير مرة، وعثمان هو ابن محمد بن أبي شيبة واسمه: إبراهيم أبو الحسن الكوفي أخو أبي بكر بن أبي شيبة، وجرير بن عبد الحميد ومنصور بن المعتمر وشقيق بن سلمة ومسروق بن الأجدع.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن جريرا رازي أصله من الكوفة والبقية كوفيون. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابية.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الزكاة عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه وعن قتيبة عن جرير كلاهما عن الأعمش وعن آدم عن شعبة عن الأعمش ومنصور كلاهما عن أبي وائل به، وفيه عن يحيى بن يحيى، وفيه، وفي البيوع عن عثمان بن أبي شيبة، كلاهما عن جرير عن منصور به.
وأخرجه مسلم في الزكاة عن يحيى بن يحيى وزهير ابن حرب وإسحاق بن إبراهيم، ثلاثتهم عن جرير، وعن محمد بن يحيى وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله ابن نمير عن أبيه. وأخرجه أبو داود فيه عن مسدد عن أبي عوانة عن منصور به وأخرجه الترمذي فيه عن محمود بن غيلان، وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن محمد بن قدامة عن جرير عن منصور به، وعن أحمد بن حرب عن أبي معاوية به. وأخرجه ابن ماجة في التجارات عن محمد بن عبد الله بن نمير به. وأخرج الترمذي هذا الحديث من طريقين: أحدهما: عن محمد بن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا وائل يحدث عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كان لها أجر ولزوجها مثل ذلك وللخازن مثل ذلك ولا ينقص كل واحد منهم من أجر صاحبه شيئا، له بما كسب ولها بما أنفقت). ثم قال: هذا حديث حسن. والطريق الآخر: عن محمود بن غيلان عن المؤمل عن سفيان عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أعطت المرأة من بيت زوجها بطيب نفس غير مفسدة كان لها مثل أجره لها ما نوت حسنا وللخازن مثل ذلك). ثم قال أبو عيسى: هذا حسن صحيح، وهو أصح من حديث عمرو بن مرة عن أبي وائل، وعمرو بن مرة لا يذكر في حديثه عن مسروق. فإن قلت: قال الطوسي: حديث عمرو حسن صحيح؟ قلت: فيه نظر، لأن الدارقطني قال: رواه جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق، ورواه عبد الصمد بن حسان عن الثوري عن منصور عن أبي وائل عن الأسود، ووهم في قوله: ورواه معاذ بن معاذ وأبو قتيبة عن شعيب عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن مسروق، ورواه عبد الله بن أبي جعفر عن شعبة عن الحكم بن عمارة عن عمير عن أبيه عن عائشة، ووهم فيه، والصحيح: عن الأعمش ومنصور عن أبي وائل عن مسروق.
ذكر معناه: قوله: (إذا أنفقت المرأة)، وفي رواية للترمذي: (إذا تصدقت المرأة)، وفي رواية أخرى له: (إذا أعطت المرأة من بيت زوجها). قوله: (من طعام بيتها)، قيد به، لأنه يسمح به عادة بخلاف الدراهم والدنانير فإن إنفاقها منها لا يجوز إلا بالإذن. قوله: (غير مفسدة) نصب على الحال قيد به لأنها إذا كانت مفسدة بأن تجاوزت المعتاد فإنه لا يجوز. قوله: (كان لها) أي: للمرأة (أجرها) أي لأجل إنفاقها غير مفسدة (ولزوجها أجره بما كسب) أي: بسبب كسبه، والمعنى أن المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، ومعنى المشارك أن له أجرا كما لصاحبه أجر، وليس معناه أن يزاحمه في أجره، أو المراد المشاركة في أصل الثواب، فيكون لهذا ثواب وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون بعكسه. قوله: (وللخازن مثل ذلك) أي: مثل ذلك الأجر، والخازن هو الذي يكون بيده حفظ الطعام والمأكول من خادم وقهرمان، وقد قلنا: إنه أعم من مملوك وغيره، فإذا أعطى المالك لخازنه أو امرأته أو غيرهما مائة درهم أو نحوها ليوصلها إلى مستحقي الصدقة على باب داره أو نحوه. فأجر المالك أكثر، وإن أعطاه رمانة أو رغيفا أو نحوهما ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة بحيث يقابل مشي الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف، فأجر الوكيل أكثر،، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلا، فيكون مقدار الأجر سواء. فإن قلت: روى
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»