بصدقته فوضعها في يدي زانية فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني فقال اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني فأتي فقيل له أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله) مطابقته للترجمة من قوله ' فخرج بصدقته فوضعها في يد غني ' (فإن قلت) المذكور في الحديث ثلاثة أشياء فما وجه الترجمة في التصدق على الغني (قلت) التصدق على الغني لا يجوز على كل حال حتى إذا أعطى زكاته لغني يظنه فقيرا ثم بان له أنه غني يعيد زكاته عند البعض على ما نذكره عن قريب إن شاء الله تعالى وأما دفعها إلى سارق فقيرا وإلى زانية فقيرة فهو جائز بلا خلاف.
(ذكر رجاله) وهم خمسة قد ذكروا غير مرة وأبو اليمان بفتح الياء آخر الحروف الحكم بن نافع الحمصي وشعيب بن حمزة الحمصي وأبو الزناد بالزاي والنون ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين والإخبار كذلك في موضع وفيه العنعنة في موضعين وفي رواية مالك في الغرائب للدارقطني عن أبي الزناد أن عبد الرحمن بن هرمز أخبره أنه سمع أبا هريرة وفيه راويان مذكوران بكنيتهما والآخر بلقبه والآخر مجردا عن نسبة فافهم. والحديث أخرجه النسائي أيضا في الزكاة بالإسناد وأخرجه مسلم من حديث موسى بن عقبة عن أبي الزناد عن الأعرج ' عن أبي هريرة عن النبي قال قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية قال اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني قال اللهم لك الحمد على غني لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق فقال اللهم لك الحمد على زانية وعلى غني وعلى سارق فأتى فقيل له أما صدقتك فقد قبلت أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله ولعل السارق يستعف بها عن سرقته ' (ذكر معناه) قوله ' قال رجل ' لم يعرف اسمه ووقع عند أحمد من طريق ابن لهيعة عن الأعرج في هذا الحديث أنه كان من بني إسرائيل قوله ' لأتصدقن ' في معرض القسم فلذلك أكده باللام والنون المشددة كأنه قال والله لأتصدقن وهو من باب الالتزام كالنذر قوله ' بصدقة ' وفي رواية أبي عوانة عن أبي أمية عن أبي اليمان بهذا الإسناد ' لأتصدقن الليلة ' وفي رواية مسلم ' لأتصدقن في الليلة بصدقة ' قوله ' فوضعها في يد سارق ' أي فوضع صدقته في يد سارق من غير أن يعلم أنه سارق قوله ' فأصبحوا ' أي القوم الذين فيهم هذا الرجل المتصدق قوله ' يتحدثون ' في محل النصب لأنه خبر أصبحوا الذي هو من الأفعال الناقصة قوله ' تصدق ' على صيغة المجهول هذا إخبار في معنى التعجب والإنكار وفي رواية أبي أمية ' تصدق الليلة على سارق ' وفي رواية ابن لهيعة ' تصدق على فلان السارق ' قوله ' فقال اللهم لك الحمد ' أي على تصدقي على سارق هذا وارد إما إنكارا أو إما تعجبا أما الإنكار فأن يجري الحمد على الشكر وذلك أنه لما جزم أن يتصدق على مستحق ليس بعده بدلالة التنكير في صدقة أبرز كلامه في معرض القسمية تأكيدا وقطعا للقبول به فلما جوزي بوضعه على يد سارق حمد الله بأنه لم يقدر على من هو أسوأ حالا من السارق وأما التعجب فأن يجري الحمد على غير الشكر وأن يعظم الله تعالى عند رؤية العجب كما يقال سبحان الله عند مشاهدة ما يتعجب منه وللتعظيم قرن به اللهم قوله ' لك الحمد على زانية ' قال الطيبي لما قالوا تصدق على زانية تعجب هو أيضا من فعل نفسه وقال الحمد لله على زانية أي أتصدق عليها فهو متعلق بمحذوف انتهى (قلت) معنى قوله على زانية متعلق بمحذوف وهو قوله أتصدقت وليس هو متعلقا بقوله لك الحمد ولم يفهم معنى هذا بعضهم حتى قال ولا يخفى بعد هذا وقال الكرماني (فإن قلت) ما معنى الحمد عليه وهو لا يكون إلا على أمر جميل وما فائدة تقديم