القول: في المال حق سوى الزكاة. قال: وعن ابن عمر أنه قال: في مالك حق سوى الزكاة. وقال مجاهد إذا حصد ألقى لهم من السنبل، وإذا جز النخل ألقى لهم من الشماريخ، فإذا كاله زكاه. وعن محمد بن كعب، في قوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * (الأنعام: 141). قال: ما قل منه أو كثر، وعن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: وآتوا حقه، قال: شيء سوى الحق الواجب، وعن عطاء: القبضة من الطعام، وعن يزيد بن الأصم، قال: كان النخل إذا صرم يجيء الرجل بالعذق من نخله فيعلقه في جانب المسجد، فيجيء المسكين فيضربه بعصاه، فإذا تناثر منه شيء أكل، فذلك قوله: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * (الأنعام: 141). وعن حماد: يعطي ضغثا، وعن الربيع بن أنس: وآتوا حقه. قال إلقاط السنبل، وعن سفيان قال: يدع المساكين يتبعون أثر الحصادين فيما سقط عن المنجل، وذكر العباس الضرير في كتابه (مقامات التنزيل): وقد روي وصح عن علي بن الحسين، وهو قول عطية وأبي عبيد، واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، أنه: نهى عن حصاد الليل. وقال ابن التين: وهو قول الشعبي، رحمه الله، وقال النحاس: في هذه الآية الكريمة خمسة أقوال: فمنهم من قال هي منسوخة بالزكاة المفروضة، فممن قال ذلك، سعيد بن جبير، وقال: كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، وقال الضحاك: نسخت الزكاة في كل صدقة في القرآن، وفي تفسير الفلاس: حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن المغيرة عن إبراهيم، قال: هي منسوخة. القول الثاني: إنها الزكاة المفروضة، وهو قول أنس بن مالك، وعن الحسن مثله، وهو قول جابر بن زيد وسعيد بن المسيب وقتادة وزيد بن أسلم، وقيل: هذا قول مالك والشافعي أيضا. القول الثالث: قال أبو العباس: كأن السدي ذهب إلى أن الذي نزل بمكة: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * (الأنعام: 141). فقط، فلما أعطى ابن قيس كلما حصد، نزل: * (ولا تسرفوا) * (الأنعام: 141). وأول الآية مكي وآخرها مدني. وعن الكلبي مثل قول السدي، وذكر النحاس مثل قول السدي عن الأعرج، وحكاه الثعلبي وغيره عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما. القول الرابع: قول من قال: نسخت الآية بالعشر ونصف العشر. وفي تفسير الفلاس: هو قول ابن عباس. القول الخامس: قال أبو جعفر: أن يكون معناه على الندب، وهذا لا نعرف أحدا من المتقدمين قاله.
الحادي عشر: في قوله: (تؤخذ من أغنيائهم)، دليل على أن الإمام يرسل السعاة إلى أصحاب الأموال لقبض صدقاتهم، وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة كانت ترفع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإلى رسله وعماله وإلى من أمر بدفعها إليه، واختلفوا في دفع الزكاة إلى الأمراء، فكان سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعائشة والحسن البصري والشعبي ومحمد بن علي وسعيد بن جبير وأبو رزين والأوزاعي والشافعي، يقولون: تدفع الزكاة إلى الأمراء. وقال عطاء: يعطيهم إذا وضعوها مواضعها. وقال طاووس: لا يدفع إليهم إذا لم يضعوها مواضعها. وقال الثوري: أخلف لهم وعدهم وأكذبهم ولا تعطهم شيئا إذا لم يضعوها مواضعها.
الثاني عشر: فيه أن الساعي ليس له أن يأخذ خيار الأموال، بل يأخذ الوسط بين الخيار والرديء.
الثالث عشر: قال الخطابي، فيه: قد يستدل به من لا يرى على المديون زكاة، لأنه قسم قسمين فقيرا وغنيا، فهذا لما جاز له الأخذ لم يجب عليه الدفع. وأجيب عنه: بأن المديون لا يأخذها لفقره حتى لا تجب عليه لغناه، وإنما يأخذها لكونه من الغارمين، وهم أحد الأصناف الثمانية المذكورين في الآية.
الرابع عشر: قال صاحب (المفهم): فيه دليل لمالك، رضي الله تعالى عنه، على أن الزكاة لا تجب قسمتها على الأصناف الثمانية المذكورين في الآية، وأنه يجوز للإمام أن يصرفها إلى صنف واحد من الأصناف المذكورين في الآية إذا رآه نظرا أو مصلحة دينية.
الخامس عشر: فيه أن دعو المظلوم لا ترد، ولو كان فيه ما يقتضي أن لا يستجاب لمثله من كون مطعمه حراما أو نحو ذلك حتى ورد في بعض طرقه. وإن كان كافرا ليس دونه حجاب، رواه أحمد من حديث أنس، رضي الله تعالى عنه. وله من حديث أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه: (دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا، ففجوره على نفسه). وإسناده حسن.
6931 حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا شعبة عن ابن عثمان بن عبد الله بن موهب