الإسلام. وقال: يا محمد لو بعثت معي رجالا من أصحابك إلى أهل نجد رجوت أن يستجيبوا لك؟ فقال، صلى الله عليه وسلم، إني أخشى عليهم أهل نجد، قال: أنا لهم جار إن تعرض لهم أحد، فبعث معهم القراء وهم سبعون رجلا. وفي مسند السراج: أربعون. وفي المعجم: ثلاثون، ستة وعشرون من الأنصار، وأربعة من المهاجرين، وكانوا يسمون القراء، يصلون بالليل حتى إذا تقارب الصبح احتطبوا الحطب واستعذبوا الماء فوضعوه على أبواب حجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبعثهم جميعا وأمر عليهم المنذر بن عمر وأخا بني ساعدة المعروف: بالمعتق ليموت أي: يقدم على الموت، فسارعوا حتى نزلوا بئر معونة، بالنون، فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله، ثم اجتمع عليه قبائل من سليم عصية وذكوان ورعل، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد فإنهم تركوه وبه رمق، فعاش حتى قتل يوم الخندق، شهيدا، وكان في القوم عمرو بن أمية الضمري، فأخذ أسيرا فلما، أخبرهم أنهم من مضر أخذه عامر بن الطفيل فجز ناصيته وأعتقه، فبلغ ذلك أبا براء، فشق عليه ذلك، فحمل ربيعة بن أبي براء على عامر بن الطفيل فطعنه بالرمح فوقع في فخذه ووقع عن فرسه. قوله: (زهاء)، بضم الزاء وتخفيف الهاء وبالمد: أي: مقدار سبعين رجلا. قوله: (دون أولئك) يعني: غير الذين دعا عليهم، وكان بين المدعو عليهم وبينه عهد فغدروا وقتلوا القراء فدعا عليهم. قوله: (شهرا) أي: في شهر، فافهم.
ذكر ما يستفاد منه: في: التصريح عن أنس، رضي الله تعالى عنه، أن القنوت قبل الركوع، وأنه حين سأله عاصم قال: قبل الركوع، وأنكر على من نقل عنه أنه بعد الركوع ونسبه إلى الكذب، وقال: لم يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع إلا في شهر واحد يدعو على قتلة القراء المذكورين. فإن قلت: حديث أنس المذكور في الباب في مطلق الصلاة، ويدل عليه ما روى عاصم أيضا، عن أنس أنه قال: سألت أنسا عن القنوت في الصلاة؟ أي: مطلق الصلاة، والمراد منه جميع الصلوات الفرض، ويدل عليه حديث ابن عباس أنه قال: قنت رسول الله ت شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده، في الركعة الأخيرة). رواه أبو داود في (سننه) والحاكم في (مستدركه) وقال: صحيح على شرط البخاري، وليس في حديث أنس ما يدل على أنه قنت في الوتر. قلت: روى ابن ماجة بإسناد صحيح عن أبي ابن كعب: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع) وروى الترمذي من حديث أبي الحوراء، بالحاء المهملة: واسمه ربيعة بن شيبان، قال: (قال الحسن بن علي، رضي الله تعالى عنهما: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت). وقال الترمذي: لا نعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئا أحسن من هذا، ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجة أيضا، وروى الدارقطني من رواية سويد بن غفلة (عن علي، رضي الله تعالى عنه، قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر). فإن قلت: وفي إسناده عمرو بن شمر الجعفي، أحد الكذابين الوضاعين؟ قلت: قال الترمذي: وفي الباب عن علي، رضي الله تعالى عنه، ولم يرد هذا، وإنما أراد والله أعلم ما رواه هو في الدعوات، وبقية أصحاب السنن من رواية عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك...) ورواه الحاكم في (مستدركه) وقال: صحيح الإسناد، وروى النسائي كما روى ابن ماجة من حديث أبي بن كعب، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع، وروى ابن أبي شيبة في مضفة من حديث ابن مسعود.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقنت في الوتر قبل الركوع). ورواه الدارقطني، بلفظ: (بت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنظر كيف يقنت في وتره، فقنت قبل الركوع، ثم بعثت أمي، أم عبد، فقلت: بيتي مع نسائه فانظري كيف يقنت في وتره، فأتتني فأخبرتني أنه قنت قبل الركوع). وروى محمد بن نصر المروزي بإسناده إلى سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى من الوتر: بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بقل هو الله أحد ويقنت). قال محمد بن نصر، في رواية أخرى زاد بعد قوله: (ويقنت قبل الركوع..) والحديث عند النسائي من طرق وليس