عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٢٩٠
فمنهم من قال تأويله أنه لم يجاوز موضع سجوده فإما إذا جاوز ذلك فإن صلاته تفسد لأن موضع سجوده في الفضاء مصلاه وكذلك موضع الصفوف في المسجد وخطاه في مصلاه عفو ومنهم من قال تأويله أن مشيه لم يكن متلاصقا بل مشى خطوة فسكن ثم مشى خطوة وذلك قليل وأنه لا يوجب فساد الصلاة أما إذا كان المشي متلاصقا تفسد وإن لم يستدبر القبلة لأنه عمل كثير ومن المشايخ من أخذ بظاهر الحديث ولم يقل بالفساد قل المشي أو كثر استحسانا والقياس أن تفسد صلاته إذا كثر المشي إلا أنا تركنا القياس بحديث أبي برزة رضي الله تعالى عنه وأنه خص بحالة العذر ففي غير حالة العذر يعمل بقضية القياس 234 - (حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة. قال قالت عائشة خسفت الشمس فقام النبي فقرأ سورة طويلة ثم ركع فأطال ثم رفع رأسه ثم استفتح بسورة أخرى ثم ركع حتى قضاها وسجد ثم فعل ذلك في الثانية ثم قال إنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى يفرج عنكم لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته حتى لقد رأيت أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا حين رأيتموني تأخرت ورأيت فيها عمرو بن لحي وهو الذي سيب السوائب) قال الكرماني تعلق الحديث بالترجمة هو أن فيه مذمة تسييب السوائب مطلقا سواء كان في الصلاة أو لا (قلت) ما أبعد هذا الوجه أو تعلق الحديث بالترجمة في قوله ' جعلت أتقدم ' وفي قوله ' تأخرت ' وذلك لأن في الحديث السابق ذكر انفلات فرس أبي برزة وأنه تقدم من موضع سجوده ومشى ثم تأخر ورجع القهقري وفي هذا الحديث أيضا التقدم والتأخر وهذا المقدار يقنع به وهذا الحديث قد مر في صلاة الكسوف بوجوه مختلفة. منها أنه رواه من رواية يونس عن ابن شهاب وهو الزهري عن عروة عن عائشة. ومنها ما رواه من رواية الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة وقد ذكرنا هناك ما يتعلق به من الأشياء ولنذكر ههنا ما يحتاج إليه ههنا فقوله ' عبد الله ' هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد والزهري هو محمد بن مسلم قوله ' حتى قضاها ' أي الركعة والقضاء ههنا بمعنى الفراغ والأداء كما في قوله تعالى * (فإذا قضيت الصلاة) * أي أديت قوله ' ذلك ' أي المذكور من القيامين والركوعين في الركعة الثانية قوله ' أنهما ' قال الكرماني أي الخسوف والكسوف (قلت) ليسا بمذكورين غير أن قولها ' خسفت الشمس ' يدل على الكسوف والظاهر أن الضمير يرجع إلى الشمس والقمر كما جاء صريحا ' إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى ' والشمس مذكورة والقمر لما كان كالشمس في ذلك كان كالمذكور قوله ' فإذا رأيتم ذلك ' أي الخسوف الذي دل عليه قولها ' خسفت ' والخسوف يستعمل فيها جميعا كما مر في باب الكسوف قوله ' وعدته ' بضم الواو على صيغة المجهول ويروى ' وعدت ' بلا ضمير في آخره وعلى الوجهين هي جملة في محل الخفض لأنها صفة لقوله ' شيء ' وفي رواية ابن وهب عن يونس في رواية مسلم ' وعدتم ' قوله ' حتى لقد رأيته ' كذا في رواية المستملي بالضمير المنصوب بعد رأيت وفي رواية الأكثرين بلا ضمير وفي رواية مسلم ' لقد رأيتني ' قوله ' أريد ' جملة حالية وكلمة أن في أن آخذ مصدرية وفي رواية جابر ' حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي عنه ' قوله ' قطفا ' بكسر القاف وهو العنقود من العنب ويفسر ذلك حديث ابن عباس في الكسوف وقد تقدم قوله ' جعلت ' أي طفقت قال الكرماني (فإن قلت) لم قال هنا بلفظ ' جعلت ' ولم يقل في التأخر به بل قال ' تأخرت ' (قلت) لأن التقدم كاد أن يقع بخلاف التأخر فإنه قد وقع واعترض عليه بعضهم بقوله وقد وقع التصريح بوقوع التقدم والتأخر جميعا في حديث جابر عند مسلم ولفظه ' لقد جيء بالنار ودلكم حين رأيتموني تأخرت
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»