عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٢٨٧
الثاني قيل مجرد هذا القدر يعني ربطه إلى سارية لا يوجب عدم اختصاص الملك لسليمان عليه الصلاة والسلام إذ المراد بملك لا ينبغي لأحد من بعده مجموع ما كان له من تسخير الرياح والطير والوحش ونحوه وأجيب بأنه أراد الاحتراز عن الشريك في جنس ذلك الملك. الثالث ثبت أن الشيطان يفر من ظل عمر رضي الله تعالى عنه وأنه يسلك فجا غير فجه ففراره عنه بالطريق الأولى وأجيب بأن المراد من فراره من ظل عمر ليس حقيقة الفرار بل بيان قوة عمر وصلابته على قهر الشيطان وهنا صريح أنه قهره وطرده غاية الإمكان وفي بعض النسخ عقيب الحديث عن النظر من شميل ' فذعته ' بالذال أي خنقته وفدعته من قول الله عز وجل * (يوم يدعون) * أي يدفعون والصواب ' فدعته ' أي بالمهملة إلا أنه كذا قال بتشديد العين والتاء (ومما يستفاد منه) أن العمل اليسير لا يفسد الصلاة وأخذوا من ذلك جواز أخذ البرغوث والقملة ودفع المار بين يديه والإشارة والالتفات الخفيف والمشي الخفيف وقتل الحية والعقرب ونحو ذلك وهذا كله إذا لم يقصد المصلي بذلك العبث في صلاته ولا التهاون بها وممن أجاز أخذ القملة وقتلها في الصلاة الكوفيون والأوزاعي وقال أبو يوسف قد أساء وصلاته تامة وكره الليث قتلها في المسجد ولو قتلها لم يكن عليه شيء وقال مالك لا يقتلها في المسجد ولا يطرحها فيه ولا يدفنها في الصلاة وقال الطحاوي لو حك بدنه لم يكره كذلك أخذ القملة وطرحها ورخص في قتل العقرب في الصلاة ابن عمر والحسن والأوزاعي واختلف قول مالك فيه فمرة كرهه ومرة أجازه وقال لا بأس بقتلها إذا آذته وكذا الحية والطير يرميه بحجر يتناوله من الأرض فإن لم يطل ذلك لم تبطل صلاته وأجاز قتل الحية والعقرب في الصلاة الكوفيون والشافعي وأحمد وإسحاق وكره قتل العقرب في الصلاة إبراهيم النخعي وسئل مالك عمن يمسك عنان فرسه في الصلاة ولا يتمكن من وضع يديه بالأرض قال أرجو أن يكون خفيفا ولا يبعد ذلك وروى علي بن زياد عن مالك في المصلي يخاف على صبي يقرب من نار فذهب إليه فقال إن انحرف عن القبلة ابتدأ وإن لم ينحرف بنى وسئل أحمد عن رجل أمامه سترة فسقطت فأخذها وركزها قال أرجو أن لا يكون به بأس فذكر له عن ابن المبارك أنه أمر رجلا صنع ذلك بالإعادة قال لا آمره بالإعادة وأرجو أن يكون خفيفا وأجاز مالك والشافعي حمل الصبي في الصلاة المكتوبة وهو قول أبي ثور (قلت) عندنا يكره حمل الصبي في الصلاة وإن كان بعذر لا يكره * ((باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة)) أي هذا باب يذكر فيه إذا انفلتت الدابة في حال الصلاة الانفلات والإفلات والتفلت التخلص من الشيء فجأة من غير تمكث وجواب إذا محذوف تقديره إذا انفلتت الدابة وهو في الصلاة ماذا يصنع (وقال قتادة إن أخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة) مطابقة هذا الأثر للترجمة من حيث أن دابة المصلي إذا انفلتت له أن يتبعها على ما يجيء فكذلك إذا أخذ السارق ثوبه وهو في الصلاة له أن يتبعه ويقطع صلاته فمن هذه الحيثية تأخذ المطابقة والأثر معلق ووصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بمعناه وزاد ' فيرى صبيا على بئر فيتخوف أن يسقط فيها قال ينصرف له ' قوله ' ويدع ' أي يترك الصلاة 233 - (حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا الأزرق بن قيس قال كنا بالأهواز نقاتل الحرورية فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي وإذا لجام دابته بيده فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها. قال شعبة هو أبو برزة الأسلمي فجعل رجل من الخوارج يقول اللهم افعل بهذا الشيخ فلما انصرف الشيخ قال إني سمعت قولكم وإني غزوت مع رسول الله ست غزوات
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»