شعبة لم يسم الرجل شعبة ولكن رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة فقال في آخره ' فإذا هو أبو برزة الأسلمي ' وفي رواية عمرو بن مرزوق عند الإسماعيلي ' فجاء أبو برزة ' وفي رواية حماد في الأدب ' فجاء أبو برزة الأسلمي على فرس فصلى وخلاها فانطلقت فاتبعها ' ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الأزرق بن قيس ' أن أبا برزة الأسلمي مشى إلى دابته وهو في الصلاة ' الحديث وبين مهدي بن ميمون في روايته أن تلك الصلاة كانت صلاة العصر وفي رواية عمرو بن مرزوق ' فمضت الدابة في قبلته فانطلق أبو برزة حتى أخذها ثم رجع القهقري ' قوله ' افعل بهذا الشيخ ' دعاء عليه وفي رواية الطيالسي ' فإذا شيخ يصلي قد عمد إلى عنان دابته فجعله في يده فنكصت الدابة فنكص معها ومعنا رجل من الخوارج فجعل يسبه ' وفي رواية مهدي قال ' ألا ترى إلى هذا الحمار ' وفي رواية حماد ' انظروا إلى هذا الشيخ ترك صلاته من أجل فرس ' قوله ' أو ثماني ' بغير ألف ولا تنوين وفي رواية الكشميهني ' أو ثماني ' وقال بن مالك الأصل ثماني غزوات فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله وقد رواه عمرو بن مرزوق بلفظ ' سبع غزوت ' بغير شك قوله ' وشهدت تيسيره ' أي تسهيله على الناس وغالب النسخ على هذا قال الكرماني وفي بعض الروايات كل سيره أي سفره وفي بعضها ' شهدب سيره ' بكسر السين وفتح الياء آخر الحروف جمع السيرة وحكى ابن التين عن الداودي أنه وقع عنده ' وشهدت تستر ' بضم التاء المثناة من فوق وسكون السين اسم مدينة بحوزستان من بلاد العجم ومعناه وشهدت فتحها وكانت فتحت في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في سنة سبع عشرة من الهجرة قوله ' وإني إن كنت أن أرجع ' نقل بعضهم عن السهيلي أنه قال ' إني ' وما بعدها اسم مبتدأ ' وأن أرجع ' اسم مبدل في الاسم الأول ' وأحب ' خبر عن الثاني وخبر كان محذوف أي إني إن كنت راجعا أحب إلي (قلت) ما أظن أن السهيلي أعرب بهذا الإعراب فكيف يقول إني وما بعدها اسم وهي جملة (فإن قيل) أراد أنه جملة اسمية مؤكدة بأن يقال له المبتدأ اسم مفرد والجملة لا تقع مبتدأ وكذلك قوله ' وأن أرجع ' ليس باسم فكيف يقول اسم مبدل وهذا تصرف من لم يمس شيئا من علم النحو والذي يقال أن الياء في إني اسم إن في إن كنت شرطية واسم كان هو الضمير المرفوع فيه وكلمة أن بالفتح مصدرية تقدر لام العلة فيما قبلها والتقدير وإن كنت لأن أرجع وقوله ' أحب ' خبر كان وهذه الجملة الشرطية سدت مسد خبر أن في ' إني ' وذلك لأن رجوعه إلى دابته وانطلاقه إليها وهو في الصلاة أحب إليه من أن يدعها أي يتركها ترجع إلى مألفها بفتح اللام أي معلفها فيشق عليه وكان منزله بعيدا إذا صلاها وتركها لم يكن يأتي إلى أهله إلى الليل لبعد المسافة وقد صرح بذلك في رواية حماد فقال ' إن منزلي متراخ ' أي متباعد ' فلو صليت وتركتها ' أي الفرس ' لم آت أهلي إلى الليل لبعد المكان ' (ذكر ما يستفاد منه) قال ابن بطال لا خلاف بين الفقهاء أن من أفلتت دابته وهو في الصلاة أنه يقطع الصلاة ويتبعها وقال مالك من خشي على دابته الهلاك أو على صبي رآه في الموت فليقطع صلاته وروى ابن القاسم عنه في مسافر أفلتت دابته وخاف عليها أو على صبي أو أعمى أن يقع في بئر أو نار أو ذكر متاعا يخاف أن يتلف فذلك عذر يبيح له أن يستخلف ولا تفسد على من خلفه شيئا ولا يجوز أن يفعل هذا أبو برزة دون أن يشاهده من النبي وقال ابن التين والصواب أنه إذا كان له شيء له قدر يخشى فواته يقطع وإن كان يسيرا فعادته على صلاته أولى من صيانة قدر يسير من ماله هذا حكم الفذ والمأموم فأما الإمام ففي كتاب سحنون إذا صلى ركعة ثم انفلتت دابته وخاف عليها أو على صبي أو أعمى أن يقعا في البئر وذكر متاعا له يخاف تلفه فذلك عذر يبيح له أن يستخلف ولا يفسد على من خلفه شيئا وعلى قول أشهب إن لم يعد واحد منهم بني قياسا على قوله إذا خرج لغسل دم رآه في ثوبه وأحب إلي أن يستأنف وإن بنى أجزاء (قلت) ذكر محمد رحمه الله تعالى في السير الكبير حديث الأزرق بن قيس أنه رأى أبا برزة يصلي آخذا بعنان فرسه حتى صلى ركعتين ثم انسل قياد فرسه من يده فمضى الفرس إلى القبلة فتبعه أبو برزة حتى أخذ بقياده ثم رجع ناكصا على عقبيه حتى صلى الركعتين الباقيتين قال محمد رحمه الله وبهذا نأخذ الصلاة تجزي مع ما صنع لا يفسدها الذي صنع لأنه رجع على عقبيه ولم يستدبر القبلة بوجهه حتى لو جعلها خلف ظهره فسدت صلاته ثم ليس في هذا الحديث فصل بين المشي القليل والكثير فهذا يبين لك أن المشي في الصلاة مستقبل القبلة لا يوجب فساد الصلاة وإن كثر وبعض مشايخنا أولوا هذا الحديث واختلفوا فيما بينهم في التأويل
(٢٨٩)