وقال ابن الأثير: (غفار غفر الله لها)، يحتمل أن يكون دعاء لها بالمغفرة، أو إخبارا بأن الله تعالى قد غفر لها، وكذلك معنى: (أسلم سالمها الله)، يحتمل أن يكون دعاء لها إن يسالمها الله تعالى، ولا يأمر بحربها، أو يكون إخبارا بأن الله قد سالمها ومنع من حربها، وإنما خصت هاتان القبيلتان بالدعاء لأن غفارا أسلموا قديما، وأسلم سالموا النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه: الدعاء بما يشتق من الاسم، كما يقال لأحمد: أحمد الله عاقبتك، ولعلي أعلاك الله وهو من جناس الاشتقاق وفيه الدعاء على الظالم بالهلاك والدعاء للمؤمنين بالنجاة وقال بعضهم: إن كانوا منتهكين لحرمة الدين يدعى عليهم بالهلاك، وإلا يدعى لهم بالتوبة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم اهد دوسا وأت بهم). وروي أن أبا بكر وزوجته، رضي الله تعالى عنهما، كانا يدعوان على عبد الرحمن ابنهما يوم بدر بالهلاك إذا حمل على المسلمين، وإذا أدبر يدعوان له بالتوبة.
قال ابن أبي الزناد عن أبيه هاذا كله في الصبح أي: قال عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان: هذا الحديث كله في صلاة الصبح، يعني أنه روى عن أبيه هذا الحديث بهذا الإسناد، فبين أن الدعاء المذكور كان في صلاة الصبح، ويدل على هذا قوله: (في الركعة الآخرة من الصبح)، وقيل: كان ذلك في العشاء، وقيل: في الظهر والعشاء، وعلى كل حال قد بينا أنه منسوخ.
7001 حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق قال كنا عند عبد الله فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدبارا قال اللهم سبعا كسبع يوسف فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع فأتاه أبو سفيان فقال يا محمد إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم قال الله تعالى: * (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) * (الدخان: 01). إلى قوله عائدون * (يوم نبطش البطشة الكبرى) * (الدخان: 61). فالبطشة يوم بدر وقد مضت الدخان والبطشة واللزام وآية الروم.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (اللهم سبعا كسبع يوسف).
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: عثمان بن أبي شيبة هو عثمان ابن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي، مولاهم أبو الحسن الكوفي أخو أبي بكر بن أبي شيبة والقاسم بن أبي شيبة، وكان أكبر من أبي بكر، مات سنة تسع وثلاثين ومائتين. الثاني: جرير بن عبد الحميد، وقد مر غير مرة. الثالث: منصور بن المعتمر أبو عباس الكوفي. الرابع: أبو الضحى، بضم الضاد المعجمة، واسمه: مسلم بن صبيح، بضم الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة الهمداني الكوفي العطار. الخامس: مسروق بن الأجدع الهمداني أبو عائشة الكوفي. السادس: عبد الله بن مسعود، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته كوفيون ما خلا جريرا فإنه رازي.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري في الاستسقاء أيضا عن الحميدي، وعن سليمان بن حرب وعن يحيى عن أبي معاوية وعن يحيى عن وكيع وعن محمد بن كثير عن سفيان، وفي التفسير أيضا عن بشر بن خالد، وأخرجه مسلم في التوبة عن إسحاق عن جرير وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن أبي سعيد الأشج وعن عثمان عن جرير وعن يحيى ابن يحيى وأبي كريب، وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمود بن غيلان، وأخرجه النسائي عن بشر بن خالد به وعن أبي كريب به وعن محمود بن غيلان.
ذكر معناه: قوله: (عند عبد الله) يعني ابن مسعود. قوله: (لما رأى من الناس) أي: قريش، واللام للعهد. قوله: (إدبارا) أي: عن الإسلام، وفي تفسير الدخان: (أن قريشا لما أبطأوا عن الإسلام). قوله: (سبعا) منصوب بفعل مقدر