قوله: (كسني يوسف) بإضافة سنين إلى يوسف، فلذلك سقطت نون الجمع، والمراد به ما وقع في زمان يوسف، عليه الصلاة والسلام، من القحط في السنين السبع، كما وقع في القرآن. فإن قلت: ما وجه إدخال هذا الباب في أبواب الاستسقاء؟ قلت: للتنبيه على أنه كما شرع الدعاء في الاستسقاء للمؤمنين، كذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين، لأن فيه إضعافهم وهو نفع للمسلمين.
6001 حدثنا قتيبة قال حدثنا مغيرة بن عبد الرحمان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة اللهم أنج سلمة بن هشام أللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها كسني يوسف وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنها صيغت من قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اجعلها سنين كسني يوسف)، وقد مضى حديث أبي هريرة هذا مطولا في: باب يهوي بالتكبير حين يسجد، أخرجه البخاري، هناك: عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة: أن أبا هريرة كان يكثر الحديث، وفي آخره قال أبو هريرة: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ويدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم. فيقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة ابن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف). وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون له. انتهى. وههنا أخرج بزيادة قوله: (وأن النبي صلى الله عليه وسلم...) إلى آخره عن قتيبة ابن سعيد عن ال مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، بكسر الحاء المهملة وتخفيف الزاي: المدني عن أبي الزناد، بالزاي والنون: عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وقد فسرنا هناك معنى الحديث مستوفى.
قوله: (المستضعفين) عام بعد خاص، والوطأة، بفتح الواو وهو: الدوس بالقدم، وسمى بها الإهلاك لأن من يطأ على شيء برجله فقد استقصى في إهلاكه، والمعنى : خذهم أخذا شديدا. والضمير في: (اجعلها)، يرجع إلى الوطأة. قوله: (كسني يوسف) وجه الشبه غاية الشدة، وأشار به إلى قوله تعالى: * (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد) * (يوسف: 84). وقوله: * (تزرعون سبع سنين) * (يوسف: 74). وسنين جمع سنة بالفتح وهو القحط والجدب قال الله تعالى: * (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) * (الأعراف: 031). قوله: (وأن النبي صلى الله عليه وسلم...) إلى آخره حديث آخر، وهو عند البخاري بالإسناد المذكور، فكأنه سمعه هكذا، فأورده كما سمعه. وقد أخرجه أحمد كما أخرجه البخاري، وروى مسلم من حديث خيثم بن عراك عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، أما إني لم أقلها ولكن قالها الله). وروى أيضا عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله). وروى أيضا عن خفاف بن أيماء الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة: (اللهم العن بني لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله، وغفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله). وروى عن جابر أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها). وروى أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة عن علي ابن يزيد عن المغيرة بن أبي برزة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله)، ورواه أبو يعلى الموصلي نحوه، وزاد في آخره: (ما أنا قلته ولكن الله، عز وجل، قاله) وغفار، بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء وبالراء: أبو قبيلة من كنانة، وهي: غفار بن مليك بن ضمرة بن بكر بن مناة بن كنانة، قال ابن دريد: هو من غفر إذا ستر، منهم أبو ذر الغفاري. وأسلم، بالهمزة واللام المفتوحتين قبيلة أيضا من خزاعة وهي: أسلم بن أقصى، وهو خزاعة بن حارثة ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، منهم: سلمة الأكوع، وفي مدحج: أسلم بن أوس الله بن سعد العشيرة بن مذحج، وفي بجيلة: أسلم بطن، هو: أسلم بن عمرو بن لؤي بن رهم بن معاوية بن أسلم بن أخمس بن الغوث بن بجيلة، ذكره ابن الكلبي.