عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٩٨
أصلا على المقصود على ما لا يخفى على من له ذوق من طعم تراكيب الكلام. وأما ثانيا فلأن العبد يناجي ربه ويستعطفه وهو ساكت، ومقام المناجاة والاستعطاف يكون بكل ذكر يليق لذاته وصفاته. والحال أن الله حث عبيده في غير موضع من القرآن، وحث نبيه صلى الله عليه وسلم في غير موضع من حديثه بذكره ومدح الذاكرين والذاكرات، وكل ذلك باللسان، وهو ترجمان القلب. ومجرد الخضوع لا يغني عن الذكر، والحسن في الخضوع مع الذكر. وأما ثالثا فكيف يقول: ولا يختص بما ورد في القرآن؟ أفيليق للعبد أن يقول في صلاته، وهي محل المناجاة والخضوع: اللهم أعطني ألف دينار مثلا؟ أو: زوجني امرأة فلانية؟ وهذا ينافي الخضوع والخشوع؟ وكيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس...) الحديث؛ وأما على تقدير وقوع لفظة: باب، بين الحديثين فهي بمنزلة الفصل من الباب الذي قبله، وتكون المناسبة بينهما تعلقا ما، والذي ذكره الكرماني هو هذا التعلق. فافهم.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: سعيد بن محمد بن الحكم ابن أبي مريم الجمحي مولاهم البصري. الثاني: نافع بن عمر ابن عبد الله الجمحي القرشي، من أهل مكة، ذكر الطبري أنه: مات بمكة سنة تسع وستين ومائة. الثالث: عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي مليكة. وأبو بكر. ويقال: أبو محمد، واسم أبي مليكة، بضم الميم: زهير بن عبد الله التيمي الأحول المكي القاضي على عهد ابن الزبير، رضي الله تعالى عنهم. الرابع: أسماء بنت أبي بكر الصديق، أم عبد الله بن الزبير، وهي التي يقال لها: ذات النطاقين، أخت عائشة أم المؤمنين، ماتت بمكة سنة ثلاث وسبعين، وكانت بنت مائة سنة.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: العنعنة في موضع. وفيه: القول في موضعين، وفيه: أن رواته ما بين بصري ومكي، وفيه: رواية التابعي عن الصحابية.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: إخرجه البخاري أيضا في الشرب عن سعيد بن أبي مريم. قلت: أخرجه في: باب فضل سقي الماء. حدثنا ابن أبي مريم حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة: (عن أسماء بنت أبي بكر: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف، فقال: دنت مني النار حتى قلت: إي رب أوأنا معهم؟ فإذا امرأة حسبت أنه قال: تخدشها هرة، قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا). انتهى. فسنده بعين سند حديث هذا الباب، إلا أن في المتن اقتصارا وبعض اختلاف. وأخرجه النسائي في الصلاة: عن إبراهيم بن يعقوب عن موسى بن داود. وأخرجه ابن ماجة فيه عن محرز بن سلمة، ثلاثتهم عن نافع بن عمر عن ابن مليكة به.
وصلاة الكسوف رويت عن أربعة وعشرين نفسا من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم، وهم: أسماء بنت أبي بكر، أخرجه الستة خلا الترمذي فاتفق عليه الشيخان من رواية فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر. وأخرج أبو داود منه في الأمر بالعتاقة في كسوف الشمس، وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجة من رواية ابن أبي مليكة عن أسماء بنت أبي بكر، ورواه مسلم من رواية صفية بنت شيبة عن أسماء. وابن عباس: أخرج حديثه مسلم عن محمد بن المثنى، وأبو داود عن مسدد والترمذي عن بندار والنسائي عن محمد بن المثنى وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة والنسائي عن يعقوب بن إبراهيم واتفق عليه الشيخان، وأبو داود والنسائي من رواية عطاء بن يسار عن ابن عباس. وعلي بن أبي طالب: أخرج حديثه أحمد من رواية حنش عنه. وعائشة: أخرج حديثها الأئمة الستة فالبخاري عن عبد الله بن محمد، واتفق عليه الشيخان وأبو داود والنسائي من رواية الأوزاعي، والنسائي من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر. وأخرجه خلا الترمذي من رواية يونس بن يزيد، ورواه مسلم والنسائي من رواية شعيب بن أبي حمزة وعلقه البخاري من رواية سليمان بن كثير، وسفيان بن حسين، سنتهم عن الزهري، وقد وصل الترمذي رواية سفيان بن حسين، واتفق عليه الشيخان وأبو داود والنسائي من رواية هشام بن عروة عن أبيه، وأبو داود من رواية سليمان بن يسار عن عروة، ورواه مسلم وأبو داود والنسائي من رواية هشام بن عروة عن أبيه، وأبو داود من رواية عبيد بن عمير، وفي رواية لمسلم عن عبيد بن عمير عن عائشة. وعبد الله بن عمرو: أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو، وله حديث آخر رواه أبو داود من رواية عطاء بن السائب
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»