الرابع: أبو زرعة، هو عمرو بن جرير البجلي، واختلف في اسمه فقيل: هرم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: عمرو، وقيل: جرير. الخامس: أبو هريرة.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في جميع الإسناد، وهذا نادر فلذلك اختار البخاري رواية عبد الواحد. وفيه: القول في خمسة مواضع. وفيه: الاثنان الأولان من الرواة بصريان، واثنان بعدهما كوفيان.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن زهير بن حرب، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد ابن عبد الله بن نمير، وعن أبي كامل، وأخرجه أبو داود عن أبي كامل الجحدري به، وعن أحمد بن أبي شعيب الخزاعي. وأخرجه النسائي فيه عن محمود بن غيلان عن سفيان عنه مختصرا، وفي الطهارة عن علي بن حجر عن جرير بتمامه. وأخرجه ابن ماجة في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد الطنافسي، وروى البزار بسند جيد من حديث خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليقل: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك أن تصدعني بوجهك يوم القيامة، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أحيني مسلما وأمتني مسلما). وخبيب، بضم الخاء المعجمة: وثقه ابن حبان، وكذلك وثق أباه سليمان، ورد ابن القطان هذا الحديث بجهل حالهما غير جيد، وقال الإشبيلي: الصحيح في هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يعني حديث أبي هريرة لا أمره.
ذكر معناه: قوله: (يسكت)، بفتح الياء من: سكت يسكت سكوتا، ويروى: يسكت، بضم الياء من أسكت يسكت إسكاتا. قال الكرماني: الهمزة للصيرورة. قلت: معناها: صيرورة الشيء إلى ما اشتق منه الفعل، كأغد البعير أي: صار ذا غدة، ومعناه هنا: يصير ذا سكوت، ويجوز أن يكون بمعنى الدخول في الشيء، تقديره: كان يدخل في السكوت بين التكبير وبين القراءة. قوله: (إسكاته) بكسر الهمزة على وزن: إفعالة، قال بعضهم: إسكاتة من السكوت. قلت: لا بل من أسكت، والسكوت من سكت، وهذا الوزن للمرة والنوع من الثلاثي المزيد فيه، ومن المجرد يجيء على: سكتة، بالفتح للمرة، وبالكسر للنوع، والأصل في المزيد فيه من الثلاثي والرباعي المجرد والمزيد أن مصدرها إذا كان بالتاء فالمرة والنوع على مصدرها المستعمل والفارق القرائن نحو: استقامة ودحرجة واحدة أو حسنة، وإن لم يكن بالتاء فلبناء على مصدره مزبدا فيه التاء، نحو: انطلاقة وتدحرجة واحدة أو حسنة. وشذ قولهم: أتيته إتيانة، ولقيته لقاء، لأنهما من الثلاثي المجرد الذي لا تاء في مصدره، إذ مصدرهما إتيان ولقاء. والقياس: إتية ولقية، وقال الخطابي: معناه سكوتا يقتضي بعده كلاما أو قراءة مع قصر المدة، وأريد بهذا النوع من السكوت ترك رفع الصوت بالكلام. ألا تراه يقول: ما تقول في إسكاتك؟ وانتصاب إسكاته على أنه مفعول مطلق أما على رواية: يسكت، بضم الياء فظاهر لأنه على الأصل، وأما على رواية: يسكت، بفتح الياء فعلى خلاف القياس، لأن القياس سكوتا كما جاء بالعكس في قوله تعالى: * (والله أنبتكم من الأرض نباتا) * (نوح: 17). والقياس: إنباتا. قوله: (أحسبه قال هنية) أي: قال أبو زرعة: قال أبو هريرة بدل إسكاته: هنية، هذه رواية عبد الواحد بن زياد بالظن، ورواه جرير عند مسلم وغيره وابن فضيل عند ابن ماجة وغيره بلفظ: (سكت هنية)، بغير تردد وإنما اختار البخاري رواية عبد الواحد لوقوع التصريح بالتحديث فيها في جميع وأما هنيئة ففيه أوجه: الأول: بضم الهاء وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفتح الهمزة، وقال ابن قرقول: كذا عند الطبري، ولا وجه له، وقال: وعند الأصيلي وابن الحذاء وابن السكن: هنيهة، بالهاء المفتوحة موضع الهمزة، وهو الوجه الثاني: قلت: هو رواية الكشميهني، ورواية إسحاق والحميدي في مسنديهما عن جرير. الوجه الثالث: قاله النووي، هنية، بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء بغير همزة، ومن همزها فقد أخطأ قلت: ذكر عياض والقرطبي أن أكثر رواة مسلم بالهمزة، وقال النووي أصلها: هنوة، فلما صغرت صارت: هنيوة، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. وفي (الموعب) لابن التياني: هنية هي اليسيرة من الشيء ما كان.
قوله: (بأبي وأمي) الباء تتعلق بمحذوف إما اسم: فيكون تقديره: أنت مفدرى بأبي وأمي، وإما فعل: