من القرآن وثبت أن يخافت بها كما يخافت بالتعوذ والافتتاح وما أشبهها وقد رأيناها أيضا مكتوبة في فواتح السور في المصحف في فاتحة الكتاب وفي غيرها ولما كانت في غير فاتحة الكتاب ليست بآية ثبت أيضا أنها في فاتحة الكتاب ليست بآية (فإن قلت) إذا لم تكن قرآنا لكان مدخلها في القرآن كافرا (قلت) الاختلاف فيها يمنع من أن تكون آية ويمنع من تكفير من يعدها من القرآن فإن الكفر لا يكون إلا بمخالفة النص والإجماع في أبواب العقائد فإن قيل نحن نقول أنها آية في غير الفاتحة فكذلك أنها آية من الفاتحة (قلت) هذا قول لم يقل به أحد ولهذا قالوا زعم الشافعي أنها آية من كل سورة وما سبقه إلى هذا القول أحد لأن الخلاف بين السلف إنما هو في أنها من الفاتحة أو ليست بآية منها ولم يعدها أحد آية من سائر السور والتحقيق فيه أنها آية من القرآن حيث كتبت وأنها مع ذلك ليست من السور بل كتبت آية في كل سورة ولذلك تتلى آية مفردة في أول كل سورة كما تلاها النبي حين أنزلت عليه * (إنا أعطيناك الكوثر) * وعن هذا قال الشيخ حافظ الدين النسفي وهي آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور وعن ابن عباس كان النبي لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم وفي رواية لا يعرف انقضاء السورة رواه أبو داود والحاكم وقال إنه على شرط الشيخين (فإن قلت) لو لم تكن من أول كل سورة لما قرأها النبي بالكوثر (قلت) لا نسلم أنه يدل على أنها من أول كل سورة بل يدل على أنها آية منفردة والدليل على ذلك ما ورد في حديث بدء الوحي ' فجاءه الملك فقال له اقرأ فقال ما أنا بقارئ ثلاث مرات ثم قال له اقرأ باسم ربك الذي خلق ' فلو كانت البسملة آية من أول كل سورة لقال اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك ويدل على ذلك أيضا ما رواه أصحاب السنن الأربعة عن شعبة عن قتادة عن عياش الجهني عن أبي هريرة عن النبي قال ' إن سورة من القرآن شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك ' وقال الترمذي حديث حسن ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه ولو كانت البسملة من أول كل سورة لافتتحها بذلك 744 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا عمارة بن القعقاع. قال حدثنا أبو زرعة قال حدثنا أبو هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة قال أحسبه قال هنية فقلت بأبي وأمي يا رسول الله إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول قال أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد.
مطابقته للترجمة من حيث إن الحديث يتضمن أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول بين التكبير والقراءة هذا الدعاء المذكور، فيصدق عليه القول: بعد التكبير، وهذا ظاهر في رواية: ما يقول بعد التكبير، وأما على رواية ما يقرأ بعد التكبير فيحمل على معنى ما يجمع بين الدعاء والقراءة بعد التكبير، لأن أصل هذا اللفظ الجمع، وكل شيء جمعته فقد قرأته، ومنه سمي القرآن قرآنا لأنه جمع بين القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد. والآيات والسور بعضها إلى بعض، وقول من قال: لما كان الدعاء والقراءة يقصد بهما التقرب إلى الله تعالى، استغنى بذكر أحدهما عن الآخر كما جاء:
علفتها تبنا وماء باردا غير سديد، وكذا قول من قال: دعاء الافتتاح يتضمن مناجاة الرب والإقبال عليه بالسؤال، وقراءة الفاتحة تتضمن هذا المعنى، فظهرت المناسبة بين الحديثين غير موجه، لأن المقصود وجود المناسبة بين الترجمة وحديث الباب لا وجود المناسبة بين الحديثين.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: موسى بن إسماعيل أبو سلمة المنقري المعروف بالتبوذكي. الثاني: عبد الواحد ابن زياد العبدي أبو بشر البصري. الثالث: عمارة، بضم العين المهملة وتخفيف الميم: ابن القعقاع بن شبرمة الضبي الكوفي.