إلا بالخشوع، ولا شك أن ترك الخشوع ينافي كمال الصلاة، فيكون مستحبا. وحكى النووي: أن الإجماع على أن الخشوع ليس بواجب، وأورد عليه قول القاضي حسين: إن مدافعة الأخبثين إذا انتهت إلى حد يذهب معه الخشوع أبطلت الصلاة. وقال أيضا أبو بكر المروزي قلت: هذا ليس بوارد لاحتمال كلامهما في مدافعة شديدة أفضت إلى خروج شيء فإن قلت: البطلان حينئذ بالخروج لا بالمدافعة قلت: المدافعة سبب للخروج، فذكر السبب وأراد المسبب للمبالغة، وأجاب بعضهم بجوابين غير طائلين: أحدهما: قوله: لجواز أن يكون بعد الإجماع السابق. والثاني: قوله: أو المراد بالإجماع أنه لم يصرح أحد بوجوبه. وقال ابن بطال: فإن قال قائل: فإن الخشوع فرض في الصلاة، قيل له: يحسب الإنسان أن يقبل على صلاته بقلبه ونيته، ويريد بذلك وجه الله، ولا طاقه له بما اعترضه من الخواطر. قلت: وقد روي عن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: إني لأجهز جيشي في الصلاة. وعنه: (إني لأحسب جزية البحرين وأنا في صلاتي). قوله: (هل ترون؟
) الاستفهام بمعنى الإنكار، والمراد من القبلة فقط، وإما: المقابلة وهي المواجهة، أي: لا تظنون مواجهتي ههنا فقط، وإما فيه إضمار أي: لا ترون بصري أو رؤيتي في طرف القبلة فقط، وإما أنه من باب لازم التركيب، لأن كون قبلته ثمة مستلزم لكون رؤيته أيضا ثمة، فكأنه قال: هل ترون رؤيتي ههنا فقط؟ والله لأراكم من غيرها أيضا. والجمهور على أن المراد من الرؤية الإبصار بالحاسة، وسبق تحقيقه هناك، وقد يحتج به من يقول: إن الطمأنينة فرض في الركوع والسجود، لأن الشارع توعد على ذلك قلت: لا يدل ذلك عليه، لأن الطمأنينة فيها لو كانت فرضا لأمرهم بالإعادة، وحيث لم يأمرهم بها دل على عدم الفرضية.
742 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الركوع والسجود فوالله إني لأراكم من بعدي وربما قال من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم. (أنظر الحديث 419 وطرفه).
مطابقته للترجمة من حيث إن إقامة الركوع والسجود لا تكون إلا بالسكون والطمأنينة، وهو الخشوع، فإن الذي يستعجل ولا يسكن فيهما تارك الخشوع. ورجاله قد ذكروا غير مرة، وغندر هو محمد بن جعفر البصري.
وأخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن أبي موسى وبندار كلاهما عن غندر.
قوله: (عن أنس)، وعند الإسماعيلي من رواية أبي موسى عن غندر: (سمعت أنس بن مالك). قوله: (أقيموا) أي: أكملوا، وفي رواية معاذ عن شعبة: (أتموا) بدل (أقيموا). قوله: (فوالله) فيه جواز الحلف لتأكيد القضية وتحقيقها. قوله: (لأراكم) اللام فيه للتأكيد. قوله: (من بعدي) أي: من خلفي. وقال الداودي يعني: من بعد وفاتي، يعني: إن أعمال الأمة تعرض عليه، ويرده قوله: (وربما قال من بعد ظهري).
ومما يستفاد من الحديث: النهي عن نقصان الركوع والسجود.
89 ((باب ما يقول بعد التكبير)) أي: هذا باب في بيان ما يقرأ المصلي بعد أن يكبر للشروع. وقوله: (ما يقرأ) هو في رواية المستملي، وفي رواية غيره: باب ما يقول بعد التكبير.
131 - (حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس أن النبي وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين) مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله ذكروا غير مرة. وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي موسى وبندار وأخرجه النسائي فيه عن أبي سعيد الأشج وحميد الطويل ومحمد بن نوح قوله ' يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين ' أي بهذا اللفظ وهذا ظاهر في عدم الجهر بالبسملة وتأويله على إرادة اسم السورة يتوقف على أن السورة كانت تسمى عندهم بهذه الجملة فلا يعدل عن حقيقة اللفظ وظاهره إلى مجازه إلا بدليل وقال بعضهم لا يلزم من قوله ' كانوا يفتتحون ' أنهم لم