عن أبي السوداء النهدي: (عن ابن سابط: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعة الأولى بسورة نحو ستين آية، فسمع بكاء صبي فقرأ في الثانية بثلاث آيات). قلت: ابن سابط هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي، مات بمكة سنة ثمان عشرة ومائة. قوله: (كراهية)، بالنصب على التعليل مضاف إلى: أن، المصدرية.
ذكر ما يستفاد منه: استدل به بعضهم على جواز إدخال الصبي في المسجد، وقال بعضهم: فيه نظر لاحتمال أن يكون الصبي كان مخلفا في بيت يقرب من المسجد. قلت: ليس هذا موضع النظر، لأن الظاهر أن الصبي لا يفارق أمه غالبا. وفيه: دلالة على جواز صلاة النساء مع الرجال. وفيه: دلالة على كمال شفقة النبي، صلى الله عليه وسلم، على أصحابه، ومراعاة أحوال الكبير منهم والصغير، وبه استدل بعض الشافعية على أن الإمام إذا كان راكعا فأحس بداخل يريد الصلاة معه ينتظره ليدرك معه فضيلة الركعة في جماعة، وذلك أنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة الإنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى، بل هذا أحق وأولى. وقال القرطبي: ولا دلالة فيه، لأن هذا زيادة عمل في الصلاة بخلاف الحذف. وقال ابن بطال: وممن أجاز ذلك الشعبي والحسن وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وقال آخرون: ينتظر ما لم يشق على أصحابه، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور، وقال مالك: لا ينتظر لأنه يضر من خلفه، وهو قول الأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي. وقال السفاقسي عن سحنون: صلاتهم باطلة. قلت: وفي (الذخيرة) من كتب أصحابنا: سمع الإمام في الركوع خفق النعال، هل ينتظر؟ قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة وابن أبي ليلى عن ذلك فكرهاه، وقال أبو حنيفة: أخشى عليه أمرا عظيما يعني الشرك وروى هشام عن محمد أنه كره ذلك، وعن أبي مطيع: أنه كان لا يرى بأسا. وقال الشعبي: إذا كان ذلك مقدار التسبيحة والتسبيحتين، وقال بعضهم: يطول التسبيحات ولا يزيد في العدد، وقال أبو القاسم الصفار: إن كان الجائي غنيا لا يجوز، وإن كان فقيرا يجوز انتظاره. وقال أبو الليث: إن كان الإمام عرف الجائي لا ينتظره، وإن لم يعرفه فلا بأس به، إذ فيه إعانة على الطاعة. وقيل: إن أطال الركوع لإدراك الجائي خاصة ولا يريد إطالة الركوع للتقرب إلى الله تعالى، فهذا مكروه، وقيل: إن كان الجائي شريرا ظالما لا يكره لدفع شره.
تابعه بشر بن بكر وابن المبارك وبقية عن الأوزاعي أي: تابع الوليد بن مسلم بن بشر بن بكر الشامي، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة. وبكر، بفتح الباء الموحدة. وذكر البخاري في: باب خروج النساء إلى المساجد، حديث بشر مسندا: حدثنا محمد بن مسكين، قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأقوم إلى الصلاة...) الحديث. وقال بعض الشراح في هذا الموضع: هي موصولة عند المؤلف في كتاب الجمعة. قلت: هذا غفلة منه وسهو، وليس الأمر إلا كما ذكرناه. قوله: (وابن المبارك) أي: تابع الوليد بن مسلم أيضا عبد الله ابن المبارك، ومتابعته هذه رواها النسائي عن سويد بن نصر، قال: أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إني لأقوم...) الحديث. قوله: (وبقية) أي: وتابع الوليد بن مسلم بقية أيضا، بفتح الباء الموحدة وكسر القاف وتشديد الياء آخر الحروف: ابن الوليد الكلاعي، بفتح الكاف وتخفيف اللام: الحضرمي، سكن حمص، وهو من أفراد مسلم والبخاري استشهد به، مات سنة سبع وتسعين ومائة، وتابع مسلم بن الوليد أيضا عمر بن عبد الواحد أخرجه أبو داود: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأقوم...) الحديث، وتابع الوليد أيضا إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، أخرجه الإسماعيلي.
708 حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثنا شريك بن عبد الله قال سمعت أنس بن مالك يقول ما صليت وراء إمام قط أخ صلاة ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسلم