عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٤٤
علم أن لولا تأتي على أربعة أوجه: منها: أن تكون للتخصيص والعرض فتختص بالمضارع أو ما في تأويله. ومنها: أن تكون للتوبيخ والتنديم فتختص بالماضي. ومنها: لربط امتناع الثانية بوجود الأولى نحو: لولا زيد لأكرمتك. ومنها: أن تكون للاستفهام نحو: * (لولا أخرتني إلى أجل قريب) * (المنافقون: 10). وفيه خلاف، وههنا بمعنى القسم، الثالث، وهو الظاهر. قوله: (سبح اسم ربك الأعلى...) الخ، فيه دليل على أن أوساط المفصل إلى: والضحى، لأن هذه الصلاة صلاة العشاء، والسنة فيها القراءة من أوساط المفصل لا من قصاره، ثم ذكر هذه السور الثلاث ليس للتخصيص بعينها، لأن المراد هذه الثلاث أو نحوها من القصار، كما جاء في بعض الروايات لفظ: ونحوها. قوله: (أحسب هذا في الحديث) قائل: أحسب، هو شعبة الراوي عن محارب، ولفظة: هذا، إشارة إلى الجملة الأخيرة. وهي قوله: (فإنه يصلي...) إلى آخره، والتذكير باعتبار المذكور، وقال الكرماني: المحسوب هو:: (فلولا صليت...) إلى آخره، لأن الحديث برواية عمرو فيما تقدم آنفا انتهى عنده حيث قال: ولا أحفظهما. وقال الكرماني أيضا: أحسب يحتمل أن يكون كلام محارب أو من بعده. قلت: قد بين أبو داود الطيالسي أن قائله شعبة، كما ذكرنا، وقد رواه غير شعبة من أصحاب محارب عنه بدونها، وكذا أصحاب جابر، رضي الله تعالى عنه، وقال الكرماني أيضا: وقيل: أو إنه من كلام البخاري، وأن المراد به لفظ: ذو الحاجة، فقط. قلت: هذا الذي قاله تخمين وحسبان، فلذلك قال: هو لكن لم يتحقق لي ذلك لا سماعا ولا استنباطا من الكتاب.
قال أبو عبد الله وتابعه سعيد بن مسروق ومسعر والشيباني أي: تابع شعبة سعيد بن مسروق وهو والد سفيان الثوري، وقد وصل روايته هذه أبو عوانة من طريق أبي الأحوص عنه. قوله: (ومسعر)، بالرفع عطف على: سعيد، أي: وتابع شعبة أيضا مسعر، بكسر الميم وسكون السين المهملة: ابن كدام الكوفي، وقد وصل روايته السراج: عن زياد بن أيوب حدثنا أبو نعيم عنه عن محارب بلفظ: (فقرأ بالبقرة والنساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق، والشمس وضحاها، ونحو هذا؟) قوله: (والشيباني)، بالرفع أيضا عطف على: مسعر، أي: وتابع شعبة أبو إسحاق الشيباني، واسمه: سليمان بن أبي سليمان، واسمه: فيروز الكوفي، ووصل روايته البزار عن محارب ومتابعة هؤلاء في أصل الحديث لا في جميع ألفاظه.
قال عمر و وعبيد الله بن مقسم وأبو الزبير عن جابر قرأ معاذ في العشاء بالبقرة عمرو: هو ابن دينار، وإنما قال: قال عمرو، ولم يقل: وتابعه، مثل ما قال في سابقه ولاحقه، لأن هؤلاء الثلاثة لم يتابعوا أحدا في ذلك، أما رواية عمرو فقد تقدمت في: باب إذا طول الإمام، وأما رواية عبيد الله بن مقسم، بكسر الميم وسكون القاف: المدني فوصلها ابن خزيمة عن بندار عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان عنه، وقد ذكرناه فيما مضى عن قريب، وأما رواية أبي الزبير محمد بن كنانة فوصلها عبد الرزاق عن ابن جريج عنه، وهي عند مسلم من طريق الليث عنه، لكن لم يتعين أن السورة البقرة.
وتابعه الأعمش عن محارب أي: تابع شعبة سليمان الأعمش عن محارب بن دثار، ووصل روايته النسائي من طريق محمد بن فضيل عن الأعمش عن محارب وأبي صالح، كلاهما عن جابر بطوله. وقال فيه: (فطول بهم معاذ ولم يعين السورة)، والفرق بين المتابعتين أعني السابقة واللاحقة أن الأولى ناقصة، إذا لم يذكر المتابع عليه، والأخيرة كاملة إذا ذكره حيث قال: عن محارب، والله أعلم.
64 ((باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها)) أي: هذا باب في بيان إيجاز الصلاة مع إكمالها، أي: إكمال أركانها، وفي بعض النسخ: باب الإيجاز، فقط. ومع هذا هذه الترجمة إنما ثبتت عند المستملي وكريمة، وذكرها الإسماعيلي أيضا، وليست بموجودة في رواية الباقين.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»