عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٦٧
خطيئة حتى دخل المسجد، وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وتصلي الملائكة عليه ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه؛ اللهم ارحمه ما لم يؤذ يحدث فيه). وقد ذكرنا هناك من أخرجه غيره، ومعناه وما يستفاد منه مستقصى، وذكرنا أيضا اختلاف الروايات فيه، والتوفيق بينها، فلا يحتاج إلى الإعادة إلا في بعض المواضع، كما نذكره الأن.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: السماع في موضعين. وفيه: القول في ستة مواضع، وقوله: يقول: في الموضعين في محل النصب على الحال. وفيه: أن رواته ما بين بصري وكوفي ومدني. وفيه: رواية التابعي عن التابعي.
ذكر معناه: قوله: (في الجماعة) وفي رواية الحموي والكشميهني: (في جماعة)، بدون الألف واللام. قوله: (تضعف) أي: تزداد، والتضعيف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل بمثلين أو أكثر، والضعف بالكسر المثل قوله: (خمسة وعشرين ضعفا)، كذا في أكثر الروايات، ويروى (خمسا وعشرين)، ووجهها أن يؤول الضعف بالدرجة أو بالصلاة، توضيحه أن: ضعفا، مميز مذكر فتجب التاء فقيل بالتأويل المذكور، والأحسن أن يقول: إن وجوب التاء فيما إذا كان المميز مذكورا، وإذا لم يكن مذكورا يستوي فيه التاء وعدمها، وههنا مميز الخمس غير مذكور فجاز الأمران فإن قلت: يقتضي قوله: (في بيته وفي سوقه) أن الصلاة في المسجد جماعة تزيد على الصلاة في البيت، وفي السوق، سواء كانت جماعة أو فرادى، وليس كذلك. قلت: هذا خارج مخرج الغالب، لأن من لم يحضر الجماعة في المسجد يصلي منفردا في بيته أو سوقه، وأما الذي يصلي في بيته جماعة فله الفضل فيها على صلاته منفردا بلا نزاع. قوله: (وذلك)، إشارة إلى التضعيف الذي يدل عليه قوله: (تضعف): يعني: التضعيف المذكور سببه أنه إذا توضأ... إلى آخره. قوله: (لا يخرجه) من الإخراج. قوله: (إلا الصلاة) أي: قصد الصلاة في جماعة. قوله: (لم يخط)، بفتح الياء وضم الطاء. قوله: (خطوة)، يجوز فيه ضم الخاء وفتحها، وجزم اليعمري بأنها ههنا بالفتح. وقال القرطبي: إنها في روايات مسلم بالضم. وقال الجوهري: الخطوة، بالضم: ما بين القدمين. وبالفتح: المرة الواحدة. قوله: (فإذا صلى) المراد به: فإذا صلى الصلاة التامة ليستحق هذه الفضائل. قوله: (مصلاه)، بضم الميم: الذي يصلي فيه. وهذا خرج مخرج الغالب، وإلا فلو قام في بقعة أخرى من المسجد مستمرا على نية انتظار الصلاة كان كذلك. قوله: (اللهم ارحمه)، أي: لم تزل الملائكة يصلون عليه حال كونهم قائلين: يا الله إرحمه. وزاد ابن ماجة: (اللهم تب عليه).
ذكر ما يستفاد منه من ذلك: الدلالة على أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال، لأن فيها صلاة الملائكة على فاعلها ودعاءهم له بالرحمة والمغفرة والتوبة. ومنه: الدلالة على تفضيل صالحي الناس على الملائكة لأنهم يكونون في تحصيل الدرجات بعبادتهم، والملائكة يشتغلون بالاستغفار والدعاء لهم. كذا قيل قلت: هذا ليس على إطلاقه، فإن خواص بني آدم، وهم الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، أفضل من الملائكة، وعوامهم أفضل من عوام الملائكة، وخواص الملائكة أفضل من عوام بني آدم. وفيه: الدلالة على أن الجماعة ليست شرطا لصحة الصلاة، لأن قوله على صلاته وحده، يدل على صحة صلاته منفردا لاقتضاء صيغة: أفعل التفضيل، الاشتراك في أصل التفاضل، فذلك يقتضي وجود الفضيلة في صلاة المنفرد، لأن ما لا يصح من الصلاة لا فضيلة فيه. وفيه: رد على داود ومن تبعه في اشتراطهم الجماعة في صحة الصلاة.
31 ((باب فضل صلاة الفجر في جماعة)) أي: هذا باب في بيان فضل صلاة الفجر مع الجماعة، إنما ذكر هذه الترجمة مقيدة وذكر الترجمة التي قبلها مطلقة إشارة إلى زيادة خصوصية الفجر بالفضيلة.
648 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءا وتجتمع ملائكة الليل
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»