عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٥٦
قوله: (وقد اغتسل)، و: ماء، نصب على التمييز، وفي رواية الدارقطني من وجه آخر: عن أبي هريرة فقال: (إني كنت جنبا فنسيت أن أغتسل).
ومما يستفاد من هذا الحديث: جواز النسيان على الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، في أمر العبادة للتشريع. وطهارة الماء المستعمل. وانتظار الجماعة لإمامهم ما دام في سعة من الوقت. وجواز الفصل بين الإقامة والصلاة لأن قوله: (فصلى)، ظاهر في أن الإقامة لم تعد، والظاهر أنه مقيد بالضرورة، وعن مالك: إذا بعدت الإقامة من الإحرام تعاد. قلت: الظاهر أنه إذا لم يكن له عذر، وفيه: أنه لا حياء في أمر الدين. وفيه: جواز الكلام بين الإقامة والصلاة. وجواز تأخير الجنب الغسل عن وقت الحدث. وفيه: أنه لا يجب على من احتلم في المسجد فأراد الخروج منه أن يتيمم.
25 ((باب إذا قال الإمام مكانكم حتى نرجع انتظروه)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا قال الإمام للجماعة: إلزموا مكانكم حتى نرجع. قوله: (انتظروه) على صيغة الماضي جواب إذا، وقال بعضهم: هذا اللفظ في رواية يونس عن الزهري كما مضى في الغسل. قلت: ليس هذا اللفظ في رواية يونس، فإن لفظه: (فقال لنا: مكانكم، ثم رجع). ولو قال: هذا اللفظ أخذه من معنى رواية يونس لكان أصوب. قوله: (حتى نرجع)، بالنون في رواية الكشميهني، وبالهمزة: (أرجع) للأصيلي، (ويرجع)، بالياء آخر الحروف، لبقية الرواة، وعل كل حال: هو منصوب بأن المقدرة.
640 حدثنا إسحاق قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال أقيمت الصلاة فسوى الناس صفوفهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم وهو جنب ثم قال على مكانكم فاغتسل ثم خرج ورأسه يقطر ماء فصلى بهم. (انظر الحديث 275 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وإسحاق هذا وقع غير منسوب في جميع الروايات، قال الغساني: لعله إسحاق بن منصور، وجوزه ابن طاهر، وجزم به المزي. ومحمد بن يوسف: هو الفريابي وهو شيخ البخاري، وأكثر الرواية عنه بغير واسطة، وههنا روى عنه بواسطة، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، والزهري: محمد بن مسلم بن شهاب.
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. نحوه: (أقيمت الصلاة وصف الناس صفوفهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام مقامه، فأومأ إليهم بيده أن: مكانكم، فخرج وقد اغتسل ورأسه يقطر الماء، فصلى بهم). وعن إبراهيم بن موسى عن الوليد بن مسلم مختصرا، وأخرجه أبو داود في الطهارة عن مؤمل بن الفضل عن الوليد بن مسلم نحو حديث زهير بن حرب، وفي الصلاة عن محمود بن خالد وداود بن رشيد، وكلاهما عن الوليد بن مسلم نحو حديث إبراهيم ابن موسى، قوله: (فتقدم وهو جنب)، يعني: في نفس الأمر، لا أنهم اطلعوا على ذلك منه، قبل أن يعلمهم، وقد مضى في رواية يونس في الغسل: (فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب)، وفي رواية أبي نعيم: (ذكر أنه لم يغتسل). قوله: (على مكانكم)، أي: اثبتوا في مكانكم ولا تفرقوا. قوله: (فرجع) أي: إلى الحجرة. قوله: (ورأسه) مبتدأ وخبره قوله: (يقطر)، والجملة حال، و: ما، نصب على التمييز. قوله: (فصلى بهم)، ظاهره أنه لم يأمرهم بإعادة الإقامة، وفي بعض النسخ بعده، قيل لأبي عبد الله: إن بدا لأحدنا مثل هذا يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأي شيء يصنع؟ فقيل: ينتظرونه قياما وقعودا، قال: إن كان قبل التكبير فلا بأس، أن يقعدوا، وإن كان بعد التكبير ينتظرونه قياما.
26 ((باب قول الرجل ما صلينا)) أي: هذا باب يذكر فيه قول الرجل: ما صلينا، وفي بعض النسخ: باب قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما صلينا. وقال ابن بطال:
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»