الأمثال في المحاورات ولغو الحديث، تعظيما لكتاب الله تعالى. وفيه: أن الإغارة على العدو يستحب كونها في أول النهار، لأنه وقت غفلتهم، بخلاف ملاقاة الجيوش. وفيه: أن النطق بالشهادتين يكون إسلاما، قاله الكرماني، وفيه خلاف مشهور.
7 ((باب ما يقول إذا سمع المنادي)) أي: هذا باب في بيان ما يقول الرجل إذا سمع المؤذن يؤذن، إنما لم يوضح ما يقول السامع لأجل الخلاف فيه، ولكنه ذكر حديثين: أحدهما: عن أبي سعيد الخدري، والآخر: عن معاوية، فالأول عام، والثاني يخصصه، فكأنه أشار بهذا إلى أن المرجح عنده ما ذهب إليه الجمهور، وهو أن يقول مثل ما يقوله المؤذن إلا في الحيعلتين، على ما نبينه عن قريب إن شاء الله تعالى.
611 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.
مطابقته للترجمة في قوله: (مثل ما يقول المؤذن)، فهذا يوضح الإبهام الذي في قوله: (ما يقول إذا سمع المنادي)، وقد تكرر ذكر رجاله، وابن شهاب هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعطاء بن يزيد من الزيادة الليثي، وفي رواية ابن وهب عن مالك ويونس عن الزهري أن عطاء بن يزيد أخبره، أخرجه أبو عوانه، واختلف على الزهري في إسناد هذا الحديث، وعلى مالك أيضا، لكنه اختلاف لا يقدح في صحته، فرواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، أخرجه النسائي وابن ماجة، وقال أحمد بن صالح وأبو حاتم وأبو داود والترمذي: حديث مالك ومن تابعه أصح، ورواه أيضا يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد. أخرجه مسدد في (مسنده) عنه: وقال الدارقطني: إنه خطأ، والصواب الرواية الأولى.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم أيضا في الصلاة عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن القعنبي والترمذي عن قتيبة وعن إسحاق بن موسى عن معن، والنسائي عن قتيبة، وفي اليوم والليلة عن عمرو بن علي عن يحيى ابن سعيد. وأخرجه ابن ماجة عن أبي بكر وأبي كريب، كلاهما عن زيد بن الحباب، كلهم عن مالك. وقال الترمذي: حسن صحيح.
ذكر معناه: قوله: (النداء) أي: الأذان. قوله: (فقولوا مثل ما يقول المؤذن) مثل منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف، أي: قولوا قولا مثل ما يقول المؤذن، وكلمة: ما، مصدرية أي: مثل قول المؤذن، والمثل هو النظير، يقال: مثل ومثل ومثيل مثل: شبه وشبه وشبيه، والمماثلة بين الشيئين اتحادهما في النوع: كزيد وعمرو في الإنسانية. وقال ابن وضاح: قوله المؤذن، مدرج والحديث: (فقولوا مثل ما يقول)، وليس فيه المؤذن، وفيه نظر لأن الإدراج لا يثبت بمجرد الدعوى، والروايات في الصحيحين: (مثل ما يقول المؤذن)، وحذف صاحب (العمدة) لفظ: المؤذن، ليس بشيء، وإنما قال: مثل ما يقول المؤذن، بلفظ المضارع، ولم يقل: مثل ما قال المؤذن، بلفظ الماضي، ليكون قول السامع بعد كل كلمة مثل كلمتها، والصريح في ذلك ما رواه النسائي من حديث أم حبيبة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان عندها فسمع المؤذن قال مثل ما يقول حين يسكت)، وأخرجه ابن خزيمة في (صحيحه) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. قلت: قوله: على شرط الشيخين، غير جيد، لأن في سنده من ليس عندهما، ولا عند أحدهما، وهو: عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، ورواه أبو عمر بن عبد البر من حديث أبي عوانة عن أبي بشر عنها، وكذا أبو الشيخ الأصبهاني.
ذكر ما يستفاد منه: احتج بقوله: (فقولوا) أصحابنا أن إجابة المؤذن واجبة على السامعين لدلالة الأمر على الوجوب، وبه قال ابن وهب من أصحاب مالك، والظاهرية، ألا ترى أنه يجب عليهم قطع القراءة وترك الكلام والسلام ورده وكل عمل غير الإجابة؟ فهذا كله أمارة الوجوب. وقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور الفقهاء: الأمر في هذا الباب على الاستحباب دون الوجوب، وهو اختيار الطحاوي أيضا. وقال النووي: تستحب إجابة المؤذن بالقول، مثل قوله لكل من