عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ١١٦
ذكر معناه: قوله: (وهي بينه وبين القبلة) أي: والحال أن عائشة بين النبي وبين موضع سجوده. قوله: (اعتراض الجنازة)، كلام إضافي منصوب بنزع الخافض، أي: كاعتراض الجنازة، وهو في الحقيقة صفة لمصدر محذوف تقديره، وهي معترضة بينه وبين القبلة اعتراضا كاعتراض الجنازة. والمراد: أنها تكون نائمة بين يديه من جهة يمينه إلى جهة شماله، كما تكون الجنازة بين يدي المصلي. والجنازة، بكسر الجيم وهو اختيار ثعلب في (فصيحه)، وحكى في (نوادره) عن أبي زيد: الجنازة، مكسورة الجيم ولا تفتح، وكذا ذكره أبو علي أحمد بن جعفر الدينوري في كتابه (إصلاح المنطق)، وحكى المطرزي عن الأصمعي: الجنازة والجنازة لغتان بمعنى واحد، وكذا قاله كراع في (المنتخب) وقال ابن الأعرابي: الجنازة النعش، والجنازة الميت. وفي (الصحاح): العامة تقول: الجنازة، بالفتح والمعنى: الميت على السرير، وفي (شرح الفصيح) لابن علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي: الجنازة اسم المتوفي في الأصل. وقال بعضهم، بفتح الجيم في المتوفى، وقال الخليل: الجنازة بكسر الجيم: السرير، يعني سرير الميت. وقال أبو جعفر: لا يقال للميت جنازة حتى يكون على نعش، ولا يقال للنعش جنازة حتى يكون عليها ميت. وفي (المحكم): جنز الشيء يجنزه جنزا: ستره، وقال ابن دريد عن قوم: إن اشتقاق الجنازة من ذلك، قال: ولا أدري ما صحته، وقد قيل: هو نبطي.
32 ((باب السجود على الثوب في شدة الحر)) أي: هذا باب في بيان سجود المصلي على طرف ثوبه مثل كمه وذيله لأجل شدة الحر، ولفظ: الحر، ليس بقيد، لأن حكم البرد كذلك. وإنما ذكر موافقة للفظ الحديث.
والمناسبة بين البابين ظاهرة.
وقال الحسن كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه.
مطابقة هذا الأثر للترجمة غير ظاهرة إلا بالتعسف، لأن الترجمة في السجود على الثوب، وهذا لا يطلق على العمامة، ولا على القلنسوة، ولكن كان هذا الباب والأبواب الثلاثة التي قبله في السجود على غير وجه الأرض، بل كان على شيء هو على الأرض، وهو أعم من أن يكون حصيرا أو خمرة أو فراشا أو عمامة أو قلنسوة أو نحو ذلك، فبهذه الحيثية تدخل العمامة والقلنسوة في الباب؛ والحسن هو: البصري، وأراد بالقوم الصحابة، والقلسنوة: غشاء مبطن تلبس على الرأس. قاله القزاز في (شرح الفصيح) وعن ابن خالويه: العرب تسمي القلنسوة برنسا. وفي (التلخيص) لأبي هلال العسكري: البرنس: القلنسوة الواسعة التي تغطي بها العمائم، تستر من الشمس والمطر. وفي (المحكم): هي من ملابس الرؤوس معروف. وقال ابن هشام في (شرحه): هي التي تقول لها العامة الشاشية، وذكر ثعلب في (فصيحه) لغة أخرى وهي: القليسية، بضم القاف وفتح اللام وسكون الياء وكسر
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»