في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول والرواية. وفيه: أن رواته ما بين بغدادي وكوفي. وفيه: ثلاثة من التابعين: الأعمش وإبراهيم، وعلي بن خشرم وعن يحيى بن يحيى وإسحاق وأبي كريب وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن ابن أبي شيبة وعن ابن أبي عمرو عن منجاب بن الحارث. وأخرجه الترمذي فيه عن هناد عن وكيع. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة، وفي الصلاة عن محمد بن عبد الأعلى. وأخرجه ابن ماجة في الطهارة عن علي بن محمد، الكل عن الأعمش عن إبراهيم به، ومعنى حديثهم واحد. وأخرجه أبو داود عن علي بن الحسين عن عبد ا بن داود عن بكير بن عامر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير: (أن جريرا بال ثم توضأ فمسح على خفيه، قال: ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله يمسح؟ قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة. قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة). ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ربعي بن حراش عنه، قال: (وضأت رسول الله فمسح على خفيه بعد ما نزلت سورة المائدة). ثم قال: لم يروه عن حماد بن أبي سليمان عن ربعي إلا ياسين الزيات، تفرد به عبد الرزاق، وياسين متكلم فيه، وفي رواية له من حديث محمد بن سيرين عنه أنه كان مع رسول الله في حجة الوداع فذهب النبي عليه الصلاة والسلام، يتبرز فرجع فتوضأ ومسح على خفيه، ثم قال: لم يروه عن محمد بن سيرين إلا خالد الحذاء، ولا عن خالد إلا حارث بن شريح، تفرد به سنان بن فروخ.
ذكر معناه: قوله: (ثم قام فصلى)، ظاهره أنه صلى في خفيه كما ذكرناه الآن. قوله: (فسئل)، على صيغة المجهول أي: سئل جرير عن المسح عل الخفين والصلاة فيهما، وقد بين الطبراني في حديثه من طريق جعفر بن الحارث عن الأعمش أن السائل له عن ذلك هو همام بن الحارث المذكور، وله من طريق زائدة عن الأعمش، فعاب عليه ذلك رجل من القوم. قوله: (مثل هذا) أي: من المسح على خفيه والصلاة فيهما. قوله: (قال إبراهيم) أي: المذكور، وهو النخعي. قوله: (فكان) أي: فكان حديث جرير يعجبهم، أي: يعجب القوم لأنه من جملة الذين أسلموا في آخر حياة رسول ا، وقد أسلم في السنة التي توفي فيها رسول ا، وفي رواية مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش: كان يعجبهم هذا الحديث، ومن طريق عيسى بن يونس، فكان أصحاب عبد ا بن مسعود يعجبهم. قوله: (من آخر من أسلم)، وفي رواية مسلم: (لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة).
وفي رواية أبي داود: (إنما كان ذلك...) أي: مسح النبي عليه الصلاة والسلام، على الخفين بعد نزول المائدة. فقال جرير: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة، وقد ذكرناه عن قريب. وفي رواية الترمذي، من طريق شهر بن حوشب: (قال: رأيت جرير بن عبد ا...) فذكر نحو حديث الباب، قال: (فقلت له: أقبل المائدة أم بعدها؟ قال: ما أسلمت إلا بعد المائدة). قال الترمذي: هذا حديث مفسر، لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي على الخفين كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة، فيكون منسوخا: فذكر جرير في حديثه أنه رآه يمسح بعد نزول المائدة، فكان أصحاب ابن مسعود يعجبهم حديث جرير لأن فيه ردا على أصحاب التأويل المذكور. قلت: قال ا تعالى في سورة المائدة: * (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) * (النساء: 34، والمائدة: 6) الآية، فلو كان إسلام جرير متقدما على نزول المائدة لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخا بآية المائدة، فلما كان إسلامه متأخرا علمنا أن حديثه يعمل به، وهو مبين أن المراد بآية المائدة غير صاحب الخف، فتكون السنة مخصصة للآية. وفي (سنن البيهقي): عن إبراهيم بن أدهم رضي ا عنه، قال: ما سمعت في المسح على الخفين أحسن من حديث جرير رضي ا عنه، وقد ورد مؤرخا بحجة الوداع في حديث الطبراني كما ذكرناه.
واعلم أنه وردت في المسح على الخفين عدة أحاديث تبلغ التواتر على رأي كثير من العلماء. قال الميموني: عن أحمد: فيها سبعة وثلاثون صحابيا. وفي رواية الحسن بن محمد عنه: أربعون، كذا قاله البزار في (مسنده). وقال ابن أبي حاتم: أحد وأربعون صحابيا. وفي (الأشراف) عن الحسن: حدثني به سبعون صحابيا. وقال ابن عبد البر: مسح على الخفين سائر أهل بدر والحديبية، وغيرهم من المهاجرين والأنصار وسائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار وعامة أهل العلم والأثر، ولا ينكره إلا مخذول مبتدع خارج عن جماعة المسلمين. وفي (البدائع): المسح على الخفين جائز عند عامة الفقهاء وعامة الصحابة إلا ما روي عن ابن عباس: إنه لا يجوز، وهو قول الرافضة. ثم قال: روي عن الحسن البصري أنه قال: