رقبته يحمل عليها الحجارة، فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر إذ لكمني لا كم، ما أراه إلا لكمة وجيعة، ثم قال شد عليك إزارك. فأخذته فشددته علي ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي من بين أصحابي). وقال السهيلي: وحديث ابن إسحاق هذا إن صح فهو محمول على أن هذا الأمر كان مرتين، في حال صغره. وعند بنيان الكعبة. قوله: (وعليه إزار) ويروى: (عليه إزاره)، بالضمير، وهذه الجملة حال بالواو، وفي بعض النسخ بلا واو. قوله: (عمه) مرفوع لأنه عطف بيان. قوله: (لو حللت)، جواب: لو، محذوف إن كانت شرطية، وتقدير: لو حللت إزارك لكان أسهل عليك، ويجوز أن تكون: لو، للتمني فلا تحتاج إلى جواب حينئذ. قوله: (فجعلت) أي الإزار، وفي رواية الكشميهني: (فجعلته)، بالضمير. وجاء في رواية غير (الصحيحين): (إن الملك نزل عليه فشد إزاره). قوله: (قال: فحله)، يحتمل أن يكون مقول جابر أو مقول من حدثه. قوله: (فسقط) أي: رسول الله مغشيا عليه، أي مغمى عليه، وذلك لانكشاف عورته. قوله: (فما رؤي)، بضم الراء بعدها همزة مكسورة ويجوز كسر الراء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم همزة مفتوحة. وفي رواية الإسماعيلي: (فلم يتعر بعد ذلك)، قوله: (عريانا) نصب على أنه مفعول ثان لرؤي.
ذكر ما فيه من الفوائد منها: أن النبي كان في صغره محميا عن القبائح، وأخلاق الجاهلية، منزها عن الرذائل والمعايب قبل النبوة وبعدها. ومنها: أنه كان جبله ا تعالى على أحسن الأخلاق والحياء الكامل حتى كان أشد حياء من العذراء في خدرها، فلذلك غشي عليه، وما رؤي بعد ذلك عريانا. ومنها: أنه لا يجوز التعري للمرء بحيث تبدو عورته لعين الناظر إليها، والمشي عريانا بحيث لا يأمن أعين الآدميين إلا ما رخص فيه من رؤية الحلائل لأزواجهن عراة. قالوا: وقد دل حديث العباس المذكور أنه لا يجوز التعري في الخلوة، ولا لأعين الناس. وقيل: إنما مخرج القول منه للحال التي كان عليها، فحيث كانت قريش رجالها ونساؤها تنقل معه الحجارة، فقال: نهيت أن أمشي عريانا في مثل هذه الحالة، لو كان ذلك نهيا عن التعري في كل مكان لكان قد نهاه عنه في غسل الجنابة في الموضع الذي قد أمن أن يراه فيه أحد، ولكنه نهاه عن التعري بحيث يراه فيه أحد، والقعود بحيث يراه من لا يحل له أن يرى عورته في معنى المشي عريانا، ولذلك نهى الشارع عن دخول الحمام بغير إزار فإن قلت: روى القاسم عن أبي أمامة مرفوعا: (لو أستطيع أن أواري عورتي من شعاري لواريتها). وقال علي رضي ا تعالى عنه: (إذا كشف الرجل عورته أعرض عنه الملك). وقال أبو موسى الأشعري: (إني لأغتسل في البيت المظلم فما أقيم صلبي حياء من ربي). قلت: كل ذلك محمول على الاستحباب لاستعمال الستر، لا على الحرمة، وفي (التوضيح): إذا أوجبنا الستر في الخلوة فهل يجوز أن ينزل في ماء النهر والعين بغير مئزر؟ وجهان: أحدهما: لا، للنهي عنه، والثاني: نعم، لأن الماء يقوم مقام المئزر في ستر العورة، وا أعلم.
9 ((باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء)) أي: هذا باب في بيان حكم الصلاة في القميص إلى آخره. القميص معروف، وجمعه: قمصان وأقمصة، وقمصه تقميصا وتقمصة أي؛ لبسه: والسراويل أعجمي عرب، نقل سيبويه عن يونس، وزعم ابن سيده أنه فارسي معرب يذكر ويؤنث، ولم يعرف الأصمعي فيها إلا التأنيث، والجمع سراويلات، وقال سيبويه: لا تكسر لأنه لو كسر لم يرجع إلا إلى لفظ الواحد فترك. ويقال. هو جمع سروالة. وقال أبو حاتم السجستاني: السراويل، مؤنث لا يذكرها أحد علمناه، وبعض العرب يظن السراويل جماعة، وسمعت من الأعراب من يقول: الشروال بالشين المعجمة. قلت: ولما استعملته العرب بدلوا الشين سينا ثم جمعوه على سراويل، وقد يقال فيه: سراوين، بالنون موضع اللام، وفي (الجامع) للقزاز: سراويل وسروال وسرويل، ثلاث لغات. والتبان، بضم التاء المثناة من فوق وتشديد الباء الموحدة. قال في (المحكم): التبان يشبه السراويل يذكر. وفي (الصحاح): التبان سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة، فقد يكون للملاحين. قلت: وهو عند العجم من جلد بلا رجلين يلبسه المصارعون. والقبا، بفتح القاف والباء الموحدة المخففة. قال الكرماني: ممدود، وتبعه على ذلك بعضهم. قلت: لم يذكر غيره، بل الظاهر أنه مقصور. وفي كتاب الجواليقي: قال بعضهم: هو فارسي معرب، وقيل: عربي واشتقاقه من: القبو، وهو الضم والجمع