الخطاب وابن مسعود رضي ا تعالى عنهما، يقولان: الجنب لا يطهره إلا الماء، لقوله عز وجل: * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * (المائدة: 6) وقوله: * (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) * (النساء: 34) وذهبا إلى أن الجنب لم يدخل في المعنى المراد بقوله: * (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) * (النساء: 34، والمائدة: 6) ولم يتعلق بقولهما أحد من الفقهاء للأحاديث الثابتة الواردة في تيمم الجنب.
الثاني عشر: فيه دليل على جواز التيمم في السفر، وهذا أمر مجمع عليه، واختلفوا في الحضر، فذهب مالك وأصحابه إلى أن التيمم في الحضر والسفر سواء إذا عدم الماء أو تعذر استعماله لمرض أو خوف شديد أو خوف خروج الوقت، قال أبو عمر: هذا كله قول أبي حنيفة ومحمد؛ وقال الشافعي: لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتيمم إلا أن يخاف التلف، وبه قال الطبري؛ وقال أبو يوسف وزفر: لا يجوز التيمم في الحضر لا لمرض ولا لخوف خروج الوقت. وقال الشافعي أيضا. والليث والطبري: إذا عدم الماء في الحضر مع خوف فوت الوقت الصحيح والسقيم يتيمم ويصلي ويعيد. وقال عطاء بن أبي رباح: لا يتيمم المريض إذا وجد الماء ولا غير المريض. قلت: قوله: وهذا كله قول أبي حنيفة، غير صحيح، فإن عنده: لا يجوز التيمم لأجل خوف فوت الوقت.
الثالث عشر: فيه جواز السفر بالنساء في الغزوات وغيرها عند الأمن عليهن، فإذا كان لواحد نساء فله أن يسافر مع أيتهن شاء، ويستحب أن يقرع بينهن، فمن خرجت قرعتها أخرجها معه؛ وعند مالك والشافعي وأحمد: القرعة واجبة.
الرابع عشر: فيه دليل على حرمة الأموال الحلال ولا يضيعها، وإن قلت: ألا ترى أن العقد كان ثمنه اثني عشر دهما؟ كما ذكرناه.
الخامس عشر: فيه جواز حفظ الأموال وإن أدى إلى عدم الماء في الوقت.
السادس عشر: فيه جواز الاستعارة، وجواز السفر بالعارية عند إذن صاحبها.
السابع عشر: فيه جواز اتخاذ النساء الحلي، واستعمال القلادة تجملا لأزواجهن.
الثامن عشر: فيه جواز وضع الرجل رأسه على فخذ امرأته.
التاسع عشر: فيه جواز احتمال المشقة لأجل المصلحة، لقول عائشة رضي ا عنها: (فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي).
العشرون: فيه دليل على فضيلة عائشة رضي ا تعالى عنها، وتكرر البركة منها.
533 ح دثنا محمد بن سنان قال حدثنا هشيم ح قال و حدثني سعيد بن النضر قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا سيار قال حدثنا يزيد هو ابن صهيب الفقير قال أخبرنا جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لإحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). (الحديث 533 طرفاه في: 834، 213).
مناسبة إيراد هذا الحديث ومطابقته للترجمة المطلقة في قوله: (وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا).
ذكر رجاله: وهم ستة. الأول: محمد بن سنان، بكسر السين المهملة وتخفيف النون: العوقي، بفتح العين المهملة والواو وبالقاف: الباهلي البصري، مر في أول كتاب العلم، تفرد به البخاري. الثاني: هشيم، بضم الهاء وفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف: ابن بشير، بفتح الباء الموحدة وكسر الشين المعجمة: أبو معاوية الواسطي. قال ابن عون: مكث هشيم يصلي الفجر بوضوء عشاء الآخرة قبل أن يموت بعشر سنين، مات سنة ثلاث وثمانين ومائة ببغداد. الثالث: سعيد بن النضر، بفتح النون وسكون الضاد المعجمة: أبو عثمان البغدادي، مات بساحل جيحون. الرابع: سيار، بفتح السين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالراء: ابن أبي سيار، ورد ان أبو الحكم، بفتح الكاف: الواسطي، مات بواسط سنة اثنتين وعشرين ومائة. الخامس: يزيد، من الزيادة: بن صهيب مصغرا مخففا، الفقير ضد الغني، أبو عثمان الكوفي، أحد مشايخ الإمام أبي حنيفة، رضي ا تعالى عنه، وقيل له: الفقير، لأنه كان يشكو فقار ظهره ولم يكن فقيرا من المال. وفي (المحكم): رجل فقير: مكسور