عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٨
فقار ظهره، ويقال له: فقير، بالتشديد أيضا. السادس: جابر بن عبد ا الأنصاري، تقدم في كتاب الوحي.
ذكر لطائف إسناده. فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته ما بين بصري وواسطي وبغدادي وكوفي. وفيه: صورة (ح) إشارة إلى التحويل من إسناد إلى إسناد يعني: يروي البخاري عن هشيم بواسطة شيخه، أحدهما: محمد بن سنان، والآخر: سعيد بن النضر. وفيه: أن سيار، المذكور متفق على توثيقه، وأخرج له الأئمة الستة وغيرهم، وقد أدرك بعض الصحابة لكن لم يلق أحدا منهم، فهو من كبار أتباع التابعين، ولهم شيخ آخر يقال له: سيار، لكنه تابعي شامي، أخرج له الترمذي، وذكره ابن حبان في الثقات، وروي: يعني حديث الباب عن أبي أمامة، ولم ينسب في الرواة كما لم ينسب سيار هذا في هذا الحديث، وربما لم يميز بينهما من لا وقوف له على هذا، فيتوهم أن في الإسناد اختلافا، وليس كذلك.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الصلاة، وفي الخمس. وأخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى وأبي بكر بن أبي شيبة. وأخرجه النسائي في الطهارة بتمامه، وفي الصلاة ببعضه عن الحسن بن إسماعيل به.
ذكر لغاته ومعناه: قوله: (أعطيت خمسا) أي: خمس خصال، وعند مسلم من حديث أبي هريرة: (فضلت على الأنبياء عليهم السلام بست: أعطيت جامع الكلم، وختم بي النبيون). الحديث، وعنده أيضا من حديث حذيفة: (فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وتربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء). ولفظ الدارقطني: (وترابها طهورا). وعند النسائي: (وأوتيت هؤلاء الآيات: آخر سورة البقرة، من كنز تحت العرش لم يعط أحد منه قبلي، ولا يعطى منه أحد بعدي). وعند أبي محمد بن الجارود في (المنتقى) من حديث أنس رضي ا تعالى عنه: (جعلت لي كل أرض طيبة مسجدا وطهورا). وعن أبي أمامة أن نبي الله قال: (إن ا تعالى قد فضلني على الأنبياء أو قال: أمتي على الأمم بأربع: جعل الأرض كلها لي ولأمتي طهورا ومسجدا، فأينما أدركت الرجل من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره، ونصرت بالرعب يسير بين يدي مسيرة شهر يقذف في قلوب أعدائي). الحديث. وفي حديث ابن عباس عند أبي داود: (وأوتيت الكوثر). وفي حديث علي عند أحمد: (وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل لي التراب طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم). وعنده أيضا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أنه قال، ذلك عام غزوة تبوك. وفي حديث السائب ابن أخت النمر: (فضلت على الأنبياء عليهم السلام: أرسلت إلى الناس كافة، وادخرت شفاعتي لأمتي، ونصرت بالرعب شهرا أمامي وشهرا خلفي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. وأحلت لي الغنائم). قلت: السائب المذكور هو ابن يزيد بن سعيد المعروف بابن أخت نمر، قيل: إنه ليثي كناني، وقيل: أزدي، وقيل: كندي، حليف بني أمية، ولد في السنة الثانية، وخرج في الصبيان إلى ثنية الوداع، وتلقى النبي، مقدمه من تبوك، وشهد حجة الوداع، وذهبت به خالته وهو وجع إلى النبي فدعا له ومسح برأسه، وقال: نظرت إلى خاتم النبوة. وفي (تاريخ نيسابور) للحاكم: وأحل لي الأخماس.
وإذا تأملت وجدت هذه الخصال اثنتي عشرة خصلة، ويمكن أن توجد أكثر من ذلك عند إمعان التتبع، وقد ذكر أبو سعيد النيسابوري في كتاب (شرف المصطفى) أن الذي اختص به نبينا من بين سائر الأنبياء عليهم السلام ستون خصلة. فإن قلت: بين هذه الروايات تعارض، لأن المذكور فيها الخمس والست والثلاث؛ قلت: قال القرطبي: لا يظن أن هذا تعارض، وإنما هذا من توهم أن ذكر الأعداد يدل على الحصر وليس كذلك، فإن من قال: عندي خمسة دنانير مثلا، لا يدل هذا اللفظ على أنه ليس عنده غيرها، ويجوز له أن يقول مرة أخرى: عندي عشرون، ومرة أخرى ثلاثون، فإن من عنده ثلاثون صدق عليه أن عنده عشرين وعشرة. فلا تعارض ولا تناقض، ويجوز أن يكون الرب سبحانه وتعالى، أعلمه بثلاث ثم بخمس ثم بست. قلت: حاصل هذا أن التنصيص على الشيء بعدد لا يدل على نفي ما عداه، وقد علم في موضعه.
قوله: (لم يعطهن أحد قبلي) قال الداودي: يعني: لم يجمع لأحد قبله هذه الخمس، لأن نوحا عليه السلام، بعث إلى كافة الناس، وأما الأربع فلم يعط واحدة منهن قبله أحدا، وأما كونها مسجدا فلم يأت أن غيره منع منها، وقد كان عيسى عليه الصلاة والسلام يسيح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة، وزعم بعضهم أن نوحا عليه السلام، بعد خروجه من السفينة، كان مبعوثا إلى كل من في الأرض، لأنه لم يبق إلا من كان مؤمنا، وقد كان
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»