عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ١٢
ولا نسبه ولا بشيء هو مشتهر به، والحال أنه روى عن اثنين كل منهما يقال له زكريا بن يحيى: أحدهما: زكريا بن يحيى بن صالح اللؤلؤي البلخي الحافظ المتوفى ببغداد سنة ثلاثين ومائتين، والآخر: زكريا بن يحيى بن عمر الطائي الكوفي، أبو السكين، بضم السين المهملة وفتح الكاف، مات ببغداد سنة إحدى وخمسين ومائتين، وكلاهما يرويان عن عبد ا بن نمير، فزكريا هذا يحتملهما، فأيا كان منهما فهو على شرطه. قال الكرماني: فلا يوجب الاشتباه بينهما قدحا في الحديث وصحته، وميل الغساني والكلاباذي إلى الأول. قال الغساني: حدث البخاري عن زكريا البلخي في التيمم وفي غيره، وعن زكريا بن سكين في العيدين. وقال الكلاباذي: البلخي يروي عن عبد ا بن نمير في التيمم. انتهى. وقال ابن عدي: هو زكريا بن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وإلى هذا مال الدارقطني لأنه كوفي.
الثاني: عبد ا بن نمير، بضم النون: الكوفي.
الثالث: هشام بن عروة.
الرابع: أبوه عروة بن الزبير.
الخامس: عائشة رضي ا تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده. فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: أن رواته ما بين كوفي ومدني.
ذكر بقية ما فيه من المعاني وغيرها: قوله: (من أسماء) هي أخت عائشة رضي ا تعالى عنها، وهي الملقبة بذات النطاقين، تقدمت في باب من أجاز الفتيا بإشارة. فإن قلت: قالت عائشة في الباب السابق: انقطع عقد لي، ويفهم من هذا أنه كان لعائشة، وههنا أنها استعارته من أسماء. قلت: إنما أضافته إلى نفسها هناك باعتبار أنه كان تحت يدها وتصرفها. قوله: (فهلكت)، أي: ضاعت. قوله: (رجلا) هو أسيد بن حضير. قوله: (فوجدها) أي: أصابها، ولا منافاة بين قولها فيما مضى: فأصبنا العقد تحت البعير، وبين قوله: (فوجدها) لأن لفظ: أصبنا، عام يشمل عائشة والرجل، فإذا وجد الرجل بعد رجوعه صدق قوله: (أصبنا). قوله: (فصلوا) أي بغير وضوء. وقد صرح في صحيح مسلم بذلك.
قال النووي فيه دليل على أن من عدم الماء والتراب يصلي على حاله، وهذه المسألة فيها خلاف، وهو أربعة أقوال: وأصحها: عند أصحابنا: أنه يجب عليه أن يصلي ويعيد الصلاة. والثاني: أنه لا يجب عليه الصلاة، ولكن يستحب، ويجب عليه القضاء سواء صلى أو لم يصل. والثالث: تحرم عليه الصلاة لكونه محدثا، وتجب عليه الإعادة، وهو قول أبي حنيفة رضي ا تعالى عنه. والرابع: تجب الصلاة ولا تجب الإعادة، وهو مذهب المزني، وهو أقوى الأقوال دليلا. ويعضده هذا الحديث، فإنه لم ينقل عن النبي إيجاب إعادة مثل هذه الصلاة. وقال ابن بطال: الصحيح من مذهب مالك أنه لا يصلي ولا إعادة عليه، قياسا على الحائض. وقال أبو عمر: قال ابن خواز منداد: الصحيح من مذهب مالك أن كل من لم يقدر على الماء، ولا على الصعيد حتى خرج الوقت أنه لا يصلي، ولا شيء عليه. ورواه المدنيون عن مالك وهو الصحيح.
قال أبو عمر: كيف أقدم على أن أجعل هذا صحيحا وعلى خلافه جمهور السلف وعامة الفقهاء وجماعة المالكيين؟ فكأنه قاسه على ما روي عن مالك فيمن كتفه الوالي وحبسه فمنعه من الصلاة حتى خرج وقتها. أنه لا إعادة عليه، ثم قال: والأسير المغلول، والمريض الذي لا يجد من يناوله الماء ولا يستطيع التيمم لا يصلي، وإن خرج الوقت، حتى يجد إلى الوضوء أو التيمم سبيلا. وعن الشافعي روايتان. إحداهما: هكذا، والأخرى: يصلي وأعاد إذا قدر، وهو المشهور عنه. وقال أبو حنيفة، في المحبوس في المصر إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا: لم يصل، وإذا وجده صلى. وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي والثوري ومطرف: يصلي ويعيد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والشافعي: إن وجد المحبوس في المصر ترابا نظيفا صلى وأعاد. وقال زفر: لا يتيمم ولا يصلي، وإن وجد ترابا نظيفا، بناء على أن عنده لا تيمم في الحضر. وقال ابن القاسم: لو تيمم على التراب النظيف أو على وجه الأرض لم يكن عليه إعادة إذا صلى ثم وجد الماء. وقال أبو عمر: أما الزمن، قالوا: إن لم يقدر على الماء ولا على الصعيد صلى كما هو وأعاد إذا قدر على الطهارة.
3 ((باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة)) أي: هذا باب في بيان حكم التيمم في الحضر إلى آخره، ذكر قيدين: أحدهما: فقدان الماء، والآخر: خوفه خروج وقت الصلاة، ويدخل في فقدان الماء عدم القدرة عليه وإن كان واجدا نحو ما إذا وجده في بئر وليس عنده آلة الاستقاء، أو كان بينه وبينه سبع أو عدو.
والمناسبة بين البابين من حيث إن الباب الأول كان في عادم الماء في السفر، وهذا في عادم الماء في الحضر، وجواب:
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»