مجيئه بلفظ التثنية، نحو: سل الزيدان سيفيهما، وإن أمن اللبس جاز جل المضاف بلفظ الجمع، كما في قوله: (يعذبان في قبورهما) وفي رواية الإسماعيلي: (برفعكما أصواتكما)، أي: بسبب رفعكما أصواتكما.
ومما يستفاد منه. ما قاله ابن بطال: قال بعضهم: أما إنكار عمر فلأنهما رفعا أصواتهما فيما لا يحتاجان إليه من اللغط الذي لا يجوز في المسجد، وإنما سألهما من أين أنتما ليعلم أنهما إن كانا من أهل البلد وعلما أن رفع الصوت في المسجد باللغط فيه غير جائز زجرهما وأدبهما، فلما أخبراه أنهما من غير البلد عذرهما بالجهل. وفيه: ما يدل على جواز قبول اعتذار أهل الجهل بالحلم إذا كان في شيء يخفى مثله. وفيه: جواز تأديب الإمام من يرفع صوته في المسجد باللغط ونحو ذلك، وقال بعضهم:
هذا الحديث له حكم الرفع لأن عمر لا يتوعد الرجلين المذكورين بالجلد إلا على مخالفة أمر توفيقي. قلت: لا نسلم ذلك لأنه يجوز أن يكون ذلك باجتهاده ورأيه.
174 ح دثنا أحمد قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال حدثني عبد الله بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله وهو في بيته فخرج إليهما رسول الله حتى كشف سجف حجرته ونادى يا كعب بن مالك قال لبيك يا رسول الله فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك قال كعب قد فعلت يا رسول الله قال رسول الله قم فاقضه..
مطابقته للترجمة في الاحتمال الثاني، وهو: عدم المنع.
ذكر رجاله. وهم ستة: الأول: أحمد، قال الغساني: قال البخاري في كتاب الصلاة في موضعين: حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن وهب، فقال ابن السكن: هو أحمد بن صالح المصري. قلت: وكذا وقع في رواية الفربري: حدثنا أحمد بن صالح. وقال الحاكم في (المدخل): إنه هو، وقيل: إنه أحمد بن عيسى التستري، ولا يخلو أن يكون واحدا منهما. وقال الكلاباذي: قال لي ابن منده الأصفهاني: كل ما قاله البخاري في (الجامع): أحمد عن ابن وهب، هو: أحمد ابن صالح المصري. الثاني: عبد ا بن وهب المصري. الثالث: يونس بن يزيد الأيلي. الرابع: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الخامس: عبد ا بن كعب بن مالك. السادس: أبوه كعب بن مالك الأنصاري السلمي المدني الشاعر.
وهذا الحديث مع تحقيق معناه وفوائده قد مضى في باب التقاضي والملازمة في المسجد قبل مقدار عشرة أبواب.
قوله: (حتى سمعها)، أي: حتى سمع النبي، أصواتهما: وفي رواية الأصيلي: حتى سمعهما. وا تعالى أعلم.
48 ((باب الحلق والجلوس في المسجد)) أي: هذا باب في بيان حكم الحلق والجلوس في المسجد، يعني: يجوز ذلك خصوصا إذا كان لعلم أو ذكر أو قراءة قرآن. قوله: (الحلق)، بكسر الحاء المهملة وفتح اللام، كذا قاله الخطابي في (إصلاح الغلط). وقال ابن التين: الحلق، بفتح الحاء واللام: جمع حلقة، مثل تمرة وتمر. وفي (المحكم): الحلقة كل شيء استدار كحلقة الحديد والفضة والذهب، وكذلك هو في الناس، والجمع: حلاق، على الغالب، و: حلق على النادر: هضبة وهضب، والحلق: عند سيبويه اسم للجمع وليس بجمع لأن فعلة ليست مما يكسر على فعل، ونظير هذا ما حكاه من قولهم؛ فلكة وفلك، وقد حكى سيبويه في: الحلقة، فتح اللام، وأنكره ابن السكيت يكسر على فعل، ونظير هذا ما حكاه من قولهم: فلكة وفلك، وقد حكى سيبويه في: الحلقة، فتح اللام، وأنكرها ابن السكيت وغيره. وقال اللحياني: حلقة الباب وحلقته بإسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلقة القوم وحلقتهم، وحكى الأموي: حلقة القوم وحلاق، وحكى أبو يونس عن أبي عمر بن العلاء: حلقة في الواحد بالتحريك والجمع: حلقات وفي (الموعب): الحلق مؤنثة في القياس إلا أني رايته في رجزدكين مذكرا، وبلغني أن بعضهم يقول: الحلقة، بالتحريك وهي لغة قليلة، فجاء التذكير