عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣٦
ولم ير ما قد قاله في الوفود من سياق حديث واضح متجانس وكان الشيخ قطب الدين الحلبي تبع ابن المنير في ذلك، وأنكر عليه تلميذه صاحب (التوضيح) وهو محل الإنكار، لأن الترجمة التي ذكرها ليس في شيء من نسخ البخاري.
وكان شريح يأمر الغريم أن يحبس إلى سارية المسجد.
مطابقة هذا الأثر للجزء الثاني من الترجمة ظاهرة، وهذا تعليق من البخاري، وقد وصله معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: (كان شريح إذا قضى على رجل بحق أمر بحبسه في المسجد إلى أن يقوم بما عليه، فإن أعطى الحق وإلا أمر به في السجن)، وشريح، بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة: ابن الحارث الكندي، كان من أولاد الفرس الذين كانوا باليمن، وكان في زمن النبي ولم يلقه، قضى بالكوفة من قبل عمر، رضي ا تعالى عنه، ومن بعده ستين سنة، مات سنة ثمانين وقال ابن مالك في إعراب هذا وجهان: أحدهما: أن يكون الأصل بالغريم، وأن يحبس بدل اشتمال، ثم حذفت الباء كما في قوله:
أمرتك الخير والثاني: أن يريد، كأن يأمره أن ينحبس فجعل المطاوع موضع المطاوع لاستلزامه إياه. انتهى. قلت: هذا تكلف، وحذف الباء في الشعر للضرورة ولا ضرورة ههنا، وهذا التركيب ظاهر فلا يحتاج إلى مثل هذا الإعراب، ولا شك أن المأمور، هو الغريم، أمر بأن يحبس نفسه في المسجد فإن قضى ما عليه ذهب في حاله وإلا أمر به في السجن، وأن يحبس أصله بأن يحبس ويحبس، على صيغة المجهول، يعني: أمره أن يحبس نفسه في المسجد أولا. وعند المطل يحبس في السجن.
264221 ح دثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا الليث قال حدثنا سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة قال بعث النبي خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه النبي فقال: أطلقوا ثمامة فانطلق إلي نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. (الحديث 264 أطرافه في: 964، 2242، 3242، 2734).
مطابقة هذا الحديث للجزء الثاني من الترجمة ظاهرة، كما في الأثر المذكور.
ذكر رجاله وهم أربعة: الأول: عبد ا بن يوسف التنيسي. الثاني: الليث بن سعد. الثالث: سعيد بن أبي سعيد المقبري، والكل تقدموا. الرابع: أبو هريرة.
ذكر لطائف إسناده. فيه: التحديث في ثلاثة مواضع في موضعين بصيغة الجمع وفي موضع بصيغة الإفراد. وفيه: السماع والقول. وفيه: أن رواته ما بين بصري ومدني.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره. أخرجه البخاري أيضا في الأشخاص عن قتيبة، وعنه أيضا في الصلاة. وأخرجه أيضا ا في الصلاة والأشخاص والمغازي عن عبد ا بن يوسف. وأخرجه مسلم في المغازي عن قتية. وأخرجه أبو داود في الجهاد، وعن عيسى بن حماد وقتيبة. وأخرجه النسائي في الطهارة عن قتيبة ببعضه، وببعضه في الصلاة.
ذكر معناه قوله: (خيلا) الخيل الفرسان، قاله الجوهري والخيل أيضا: الخيول. وقال بعضهم أي: رجالا على خيل. قلت: هذا تفيسر من عنده وهو غير صحيح، بل المراد ههنا من الخيل هم الفرسان. ومنه قوله تعالى: * (واجلب عليهم بخيلك ورجلك) * (الإسراء: 46) أي: بفرسانك ورجالتك، والخيالة: أصحاب الخيول. وقال ابن إسحاق؛ السرية التي أخذت ثمامة كان أميرها محمد بن مسلمة، أرسله، في ثلاثين راكبا إلى القرطاء من بني أبي بكر بن كلاب بناحية ضربة بالبكرات لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست، وعند ابن سعد: على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة، وكانت غيبته بها تسع عشرة ليلة وقدم لليلة بقيت من المحرم. قوله: القرطاء، بضم القاف وفتح الراء والطاء المهملة: وهم نفر من بني أبي بكر
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»